العلاقة الاردنية السورية سنوات الازمة وبوادر الانفراج
منصور المعلا
24-11-2018 02:40 PM
حمل الوفد النيابي الاردني الزائر لدمشق رسائل سورية ايجابية الى الاردن تمثلت في تحميل الرئيس السوري بشار الاسد لرئيس الوفد النائب عبد الكريم الدغمي رسالة الى شقيقة الملك عبد الله الثاني مفادها ان سوريا اليوم تطلع الى الامام ولا تتطلع الى الخلف.
كان برنامج الوفد الاردني طوال الزيارة التي استمرت على مدار اربع ايام يقابل بجملة من الاسئلة والرسائل حول مستقبل العلاقة الاردنية السورية وسبل تطويرها وخصوصا في قطاعات النقل والتجارة والطاقة وهي الملفات الملحة للشقيقة سوريا من اجل عودة الحياة الطبيعية والمساهمة في اعادة دورة الحياة لشرايين الاقتصاد السوري والمساهمة في اعادة اعمار ما دمرته الحرب.
ساهمت زيارة الوفد النيابي في كسر الجمود في العلاقة بين البلدين ويتطلع السوريون الى المزيد من الانفراج، حيث كانت مداخلات الوفد الاردني في مجملها تركز على عمق العلاقة بين الشعبين والدولتين .
لا بد من الاشارة الى المحطات التي مرة بها العلاقة الاردنية السورية خلال فترة الازمة من اجل رصد ابرز التحديات التي واجهاتها والفرص التي تتوفر اليوم ما بعد تراجع حدة الازمة وذهابها في سياق الحل السياسي .
لعل انفجار الازمة السورية في مدينة درعا السورية بداية عام 2011 وضع الاردن امام تداعيات الازمة مبكرا والتي ادت خلال فترة قصيرة الى غياب مظاهر الدولة السورية وانتشار الجماعات المسلحة على طول الشريط الحدودي الذي يبلغ نحو 370 كيلومتر ما رتب اعباء كبرى على الجيش الاردني منفردا لجهة ضبط الحدود ومنع تسلل المسلحين الى داخل الاردن وتجار المخدرات اضافة الى عبء استقبال النازحين من مناطق القتال الى داخل الاراضي الاردنية والذي بلغ عددهم نحو 700 الف سوري اضافة الى نحو 700 الف يتواجدون بشكل طبيعي قبيل الازمة بغرض العمل والتجارة.
العبء الذي القي على عاتق الجيش ومؤسسات الدولة تفاقم مع تحول الازمة السورية الى ساحة صراع دولي واقليمي حيث كانت مؤسسات الدولة تقع تحت ضغط اطراف تسعى الى توريط الاردن وتحديدا الجيش العربي في المستنقع السوري تحت شعارات امام خلق مناطق امنة او شعارات توسع حدود المملكة شمالا وشرقا وهو ما قوبل بالرفض من قبل مؤسسات الدولة رغم كل الضغوط التي كانت تمارس على البلاد.
وعلى الرغم من قرار جامعة الدول العربية في 13 تشرين الثاني عام 2011 بطرد سوريا من جامعة الدولة العربية واغلاق سفارة بلادها في الدول العربية الا ان الاردن لم يبادر الى اغلاق السفارة السورية في عمان او يقوم باغلاق السفارة السورية في دمشق وكان قرار الاردن بطرد السفير السوري في عمان في منتصف عام 2014 نتيجة لمداخلات السفير السوري عبر وسائل الاعلام حيث طلب الاردن من الشقيقة سوريا ارسال سفير اخر وهو ما تم عبر ارسال قائم باعمال السفير.
بقي الاردن على تواصل حثيث على المستوى العسكري والامني مع الجانب السوري رغم وجود غرف عمليات لادارة الازمة في الجنوب السوري وكان موقف الاردن الرسمي الداعي لحل سياسي للازمة السورية هو الخطاب الثابت طوال تلك السنوات توج هذا الخطاب بالتوافق الاردني الروسي الاميركي على ما سمي مناطق خفض التصعيد التي جنبت الجنوب السوري ويلات المعارك والاقتتال، لياتي الانسحاب الاميركي من هذه الاتفاقية قبل نحو 8 شهور مدخلا لبسط الدولة السورية سيطرتها على تلك المناطق.
لم يبادر الاردن الى اغلاق الحدود مع الجارة سوريا الا بعد ان سيطرت الجماعات المسلحة الى الشريط الحدودي ومعبر نصيب حيث رفض الاردن فتح المعبر او التعامل مع اي فصيل مسلح هناك معتبرا ان الدولة الاردنية تنتظر عودة الدولة السورية وهو ما تحقق اخيرا.
لقد اعترف الجانب السوري بان اخطاء وقعت في ادارة الازمة السورية من بدايتها ولا بد من الاعتراف بأن الاردن وقع في بعض الاخطاء، غير ان سوريا التي لا تنظر الى الخلف اليوم وتنظر الى الامام تنتظر ردا اردنيا يؤدي الى اعادة العلاقة بين البلدين الى سابق عهدها خصوصا ان التحديات التي تواجه الاردن اليوم في ظل الصراعات الاقليمية وتداعيات التفاهم الروسي الاميركي في الملف السوري بوصف سوريا هي قاعدة التسويات للمنطقة واثر ذلك على مستقبل القضايا الكبرى في المنطقة وخصوصا القضية الفلسطينية يضع الاردن اليوم امام محطة ملحة تتمثل في ضرورة اعادة العلاقات الاردنية السورية الى سابق عهدها .
ان المسؤولين السوريين ومن خلال اللقاءات التي جرت في دمشق مع الوفد النيابي الاردني اكدوا على ضرورة اعادة العلاقات بين البلدين وعلى ان سوريا الخارجة من الازمة حتما لن تكون سوريا ما قبلها لجهة شكل النظام السياسي واحترام حقوق الانسان والديمقراطية بما ينسجم مع التضحيات التي قدمها الشعب السوري وعلى الاردن ان يكون حاضرا في المشهد السوري لما في ذلك من مصلحة للدولة الاردنية وتنويع خياراتها وكسر الحصار المطبق عليها .