إحلال الاشاعة مكان الحقيقة كوسيلة ترويج تعتمد الخداع
د. محمد كامل القرعان
24-11-2018 11:31 AM
يزداد القلق يوما بعد يوم في ظل السيل الجارف للأخبار والمعلومات ما اغرقت المواطن في استهلاك مضامين اعلامية تنبأ بخطورة ما وصلت اليه الرسالة من هبوط وافتقار للمحتوى واضاعة للقيم ما بين الخبر والاشاعة والتضليل وبالتالي احلال الاشاعة مكان الحقيقة كوسيلة ترويج تعتمد على الخداع.
وقد اوصلت هذه التوجهات الغائبة كليا عن المهنية الاعلامية ومواثيق الشرف الصحفي المراقب والواعي الى حالة من الاحباط في كثير من الاحيان نتيجة بعد الاعلام عن هدفه الاسمى وهو خدمة المجتمع الى تركيزه على الامور السطحية في نقل الاخبار وتحليلها الى التوجه نحو الفضائح واستهداف الاشخاص كأشخاص وعدم تحري الدقة بالمعلومة لاسباب متنوعة وعديدة من وسائل اعلام متعددة المشارب ومختلفة بالأهداف.
فمع التشابه الكبير بين وسائل الاعلام الخاصة اليوم في توجهات بعضها وتغليب الاعلان على صون الكلمة وحمل الامانة الى جانب السطحية المهنية في عمل بعض الصحفيين، وهنا يخشى أن تتم الاطاحة برسالة الاعلام واهدافه النبيلة وبالتالي ابتعادها عن الضوابط الاخلاقية التي ترعى عملية نقل ونشر المعلومات وشرحها وتحليلها بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن.
هذا الأمر يجعل الاعلام بصورة مباشرة أو غير مباشرة تابعا مرتبطا بمصالح وسياسات لا تتوافق غالبا مع السياسات الوطنية والمصالح العليا للدولة .
ان تموضع ملكية مؤسسات اعلامية بوضع اليد أحدث شرخ واسع ما بين الاعلام كرسالة والاعلام كمصلحة ووسيلة ابتزاز وتدمير وهلاك؛ وهذا ما قد ينذر بتطرف الصحافة عن طريقها الصحيح نحو استغلال قوتها كسلطة مؤثرة عن غير اهدافها السامية وتصبح خطرا على صون حرية الكلمة واستقلال المؤسسات الاعلامية .
فالمواطن أصبح عاجزا عن التمييز بين الغث والسمين ، بين الخطأ والصواب ، بين الخبر والاشاعة ، لا بل محبطا في كثير من الأحيان لعدم تركيز العديد من وسائل الاعلام على مواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والشان العام الى ملاحقة مواضيع سطحية ومواضيع الشهرة والفضائح .
فالحديث عن ضرورة أن يخدم الاعلام المصلحة العامة للوطن والمواطن مسألة جوهرية باعتبار أن الاعلام اليوم يشكل موردا أساسيا من الموارد العامة لكل بلد وسلاحا فعالا في خدمة المشاريع المراد تسويقها .
فكيف نحفظ حق المواطن في الاعلام والاخبار الحقيقي وفي مواجهة كل المحاولات لمصادرته ، علما بأننا نعيش بيئة اعلامية متخمة باعلانات كمصدر مالي رئيس لها ومصادر أخبارية من بعض الحكومات والشركات الكبرى واصحاب النفوذ والصالونات السياسية .