حققت الصهيونية قيام وبناء مستعمرتها الإسرائيلية على أرض فلسطين بفعل عاملين هما :
1 – مبادراتها التنظيمية والسياسية والعملية.
2- تضامن ودعم أغلبية المجتمع الدولي لبرنامجها الاستعماري من خلال استغلال الاضطهاد العنصري البغيض الذي تعرضت له الطوائف اليهودية في أوروبا وخاصة في روسيا القيصرية وبولندا، ومن قبل النازية الألمانية، والفاشية الإيطالية.
ونضال الشعب الفلسطيني لم يقم إلا بفعل مبادرات فلسطينية فاعلة على يد ياسر عرفات وجورج حبش وأحمد جبريل وأخرين، وتوجهاتهم وبسالتهم وانحيازهم لفلسطينيتهم في وقت مبكر ولا تزال وإنحياز أحمد ياسين لفلسطينيته من رحم الإخوان المسلمين، وإن كان في وقت متأخر ليضيف إنحيازاً نوعياً للنضال الفلسطيني؛ نظراً لأهمية حركة الإخوان المسلمين كأحد أهم الأحزاب السياسية العابرة للحدود، شكلت قوة ودافعاً للنضال الفلسطيني في مواجهة الاستعمار الإسرائيلي.
النضال الفلسطيني بدا حقيقة لا تقبل التراجع أو الانحسار أو الهزيمة، على الرغم من تواضع إمكاناته المادية مقارنة مع إمكانات العدو الإسرائيلي وتفوقه، فالصراع سجال بين المشروعين والشعبين والروايتين، بين المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي والمشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني.
ولكن الأبرز على المستوى الدولي، الذي سبق وشكل رافعة قوية في خلق وإنجاز المستعمرة الإسرائيلية على أرض فلسطين العربية، المتغيرات الجارية؛ إذ نلمس الإنحيازات الدولية بارزة وإيجابية في تراجعها التدريجي عن دعم وإسناد العدو الإسرائيلي، والتقدم بقوة وثبات في دعم وإسناد فلسطين وانبعاثها ومنحها الشرعية وشهادة ميلاد.
القرارات السبعة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة 16/11/2018 إنجاز مهم وشهادة عدالة رصينة من قبل المجتمع الدولي لفلسطين :
1 – الأول أكد ضرورة تقديم المساعدة الدولية للشعب الفلسطيني، وحصل على 161 صوتاً ضد 2.
2 – قرار خاص بالنازحين وحقوقهم المشروعة بموجب القوانين الدولية، وحصل على تصويت 155 دولة ضد 10 دول.
3 – وقرار ثالث أكد أهمية التفويض للدور الذي تقوم به وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، وحصل على 158 صوتاً ضد 5 دول.
4 – والرابع خاص بممتلكات الشعب الفلسطيني في أرض وطنه فلسطين، وحصل على 155 دولة ضد 5 دول.
5– والقرار الخامس يؤكد عدم شرعية الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحصل على 155 صوتاً ضد 5 أصوات.
6 – والسادس يتعلق بممارسات « المستعمرة الإسرائيلية « وتداعياتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحصل على 153 صوتاً ضد 6 دول.
7 – أما القرار السابع والأخير فقد أكد على حق الشعب الفلسطيني في الحصول على الحماية الدولية، وحصل على 154 صوتاً ضد 5 دول.
البعض من ضيقي الأفق يعتبرون أن لا قيمة للقرارات الدولية؛ لأن الكثير منها قد صدر ولم يتحقق، ولم يدرك أن عدم التحقق يعود لأسباب محلية لها علاقة بالضعف الفلسطيني، والانقسام المدمر الذي وقع بسبب الانقلاب وتشتت الجهد وبعثرته بين طرفي الانقسام بين فتح وحماس، بين الضفة والقطاع، إضافة إلى الحروب البينية العربية والتي تورط فيها أطراف وأحزاب بتمويل ودعم وتخطيط أميركي إسرائيلي وصولاً إلى الوضع المدمر الذي نشهده في سوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال. (الدستور)