هل سيضرب نتنياهو مجدداً، وأين؟
عريب الرنتاوي
23-11-2018 12:10 AM
بعد حديثيه «الحربيين» بامتياز، من وزارة الدفاع وأمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، حيث شدد بنيامين نتنياهو على أن إسرائيل ما زالت «وسط عملية أمنية لم تنته»، وأن ثمة خطوات وعمليات ما زالت في الطريق، انصرف المراقبون والمحللون لتقليب السيناريوهات والاحتمالات، في محاولة للتعرف على الخطوة/ الهدف التالي لحكومة اليمين المتطرف، حكومة الأقلية الهشة، حيث لم يبق هدف أو احتمال، دون الإشارة إليه وتمحيصه من مختلف جوانبه.
أغلب التقديرات، اتخذت من غزة وجهة وهدفاً للعملية التالية: عمليات اغتيال لقادة سياسيين وميدانيين من حماس، على رأسهم يحى السنوار، مصحوبة بضربات جوية وصاروخية مكثفة... عمليات أوسع نطاقاً، تنتهي بالسيطرة الكلية أو الجزئية على القطاع ... ولكل سيناريو من هذه السيناريوهات، مخاطره وتداعياته بالطبع.
الاغتيال السياسي والضربات الصاروخية، لن تنهي حماس، ومن المؤكد أنها ستلقى ردود أفعال قوية من فصائل المقاومة وأهل غزة الذين لم يعد لديهم ما يخسرونه ... وقد يتدحرج هذا السيناريو إلى مواجهة، تنتهي بضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية، واستهداف العمق الإسرائيلي بصواريخ الفلسطينيين ومدافعهم، وقد تفضي إلى استدراج تدخلات برية لا تبدو إسرائيل متحمسة لها.
أما الشروع في عملية كبرى، سواء لاحتلال القطاع كلياً أو جزئياً، فإنه سيصطدم بعقبتين اثنتين رئيستين: الأولى؛ كلفة إعادة احتلال القطاع ستكون باهظة على الإسرائيليين والفلسطينيين، وليس على فريق واحد منهم فحسب؛ ما سينعكس على مكانة رئيس الحكومة في أية انتخابات مقبلة، وعلى صورة إسرائيل و»شرعيتها» في نظر المجتمع الدولي والرأي العام العالمي ... والثانية؛ إسرائيل ليس لديها تصور أو خطة عمّا ستفعله صبيحة اليوم لاحتلال القطاع أو مناطق منه، وهي إن توفرت على مثل هذا التصور، فليس لديها الأدوات الكفيلة لنقله إلى حيز التنفيذ، والأرجح أنها ستجد مقاومة لاحقة للاحتلال، بدل أن تجد متعاونين محتملين، مع أن أنظار بعض قادتها، قد تتجه صوب فريق من السلطة، أو باتجاه ما يسمى تيار الإصلاح في فتح، بقيادة محمد الدحلان.
مختلف هذه السيناريوهات، ستفضي إلى انهيار جهود «التهدئة» وتعطيل الوساطات المصرية والقطرية والأممية ... وهو مسار انخرطت فيه إسرائيل وشجعته، توطئة لـ»صفقة القرن»، بل وتجد أطراف منها فيه، أفضل الخيارات السيئة المتبقية لها للتعامل مع قطاع غزة وحركة حماس.
ليس لدى إسرائيل «خيارات سهلة» في غزة ومعها، وإن كان ذلك، لا يسقط احتمال إقدامها على اقتراف مغامرة ضد حماس وفصائل المقاومة ... ما لم يضمن نتنياهو خروجه من أية مواجهة مع غزة، بحال أفضل مما كان عليه عند دخولها، فإنه – على الأرجح - لن يجازف بفرصة إعادة انتخابه، وبلقبه الجديد: ملك إسرائيل، بعد ان سجل رقماً قياسياً في حكمها.
تبقى احتمالات إشعال جبهة الشمال، مع حزب الله، وهي مجازفة يدرك نتنياهو أنها ستحرق أصابعه، وقد تقضي على مستقبله السياسي ... مع ترك الباب مفتوحاً، وإن على نحو موارب، أما مغامرات في سوريا، وضد أهداف إيرانية، شريطة ألا يصطدم بموسكو مجدداً، وأن يتفادى نطاق عمل صواريخ «إس 300»، فالمغامرة إن لم تنجح في إعادة ترميم صورة الردع الإسرائيلي، ستضعف إسرائيل وتبدد حظوظ رئيس حكومتها.
ربما تتبقى أمامه قرية الخان الأحمر الفلسطينية «الاستراتيجية التي يوليها شريكه في الحكم نفتالي بينت أهمية خاصة، بوصفه ممثلاً للوبي الاستيطان في السياسة الإسرائيلية ... هنا يبدو الهدف أقل صلابة، وتبدو عوائده لجهة إشباع الشهية التوسعية الإسرائيلية، أكثر جدوى، أما التكاليف، فقد لا تكون على ذاك المستوى من الخطورة ... هنا يمكن لعمل كهذا أن يطيل في عمر الائتلاف الهش، وأن يرضي الغريزة العدوانية للمستوطنين واليمين الديني والقومي، مع بقاء نتنياهو في «الموقع الآمن» عشية انتخابات مبكرة تبدو مرجحة بكل المقاييس والحسابات. (الدستور)