العشاء الاخير بين النواب والصحفيين
ماهر ابو طير
09-07-2009 05:34 AM
يغيب عشرات الكتاب والصحفيين والنواب ، عن العشاء الذي اقامه نائب عمّاني كريم ، لرأب الصدع بين الصحافة والنواب ، وفيما يكتفي الحضور بتناول طعام العشاء ، فلا يسمع احد من الحاضرين ، وفقا لرواية من حضر ، كلاما سياسيا ، من اي طرف ، تبقى بادرة النائب ، نبيلة ، باتجاه العلاقة بين النواب والصحافة.
أيا كان الذي بدأ بجهود المصالحة بين النواب والصحافة ، وأيا كان الذي دخل على خطها ، وأيا كان الذي قطف ثمرة المصالحة ، اذا ترسخت ، فان السؤال الاهم الذي لم تتم الاجابة عنه ، حتى الان ، يتعلق بتغير الموقف جذريا بين الطرفين ، فالاشتباك بين النواب والصحافة ، له اسباب عميقة ، تتعلق بالنقد والنقد المتبادل ، والمآخذ التي يسجلها الشارع على النواب ، ويتعامل معها الصحفيون ، ولا قدرة لهم ، اساسا ، على تجاوزها ، بمصالحة او بدون مصالحة ، وبعشاء ، او بدون عشاء ، اذ ان القصة اعقد من ذلك بكثير ، وليس ادل على ذلك ، هو غياب كثيرين ، من الطرفين ، عن العشاء ، وعدم تغير لغة النقد المتبادلة بين الطرفين ايضا.
غاب قدامى النواب ، عن "العشاء الاخير" وبعضهم وصل اليه ، بعد مغادرة الضيوف ، واجواء ذات العشاء كانت صامتة ومحتقنة ، ونشبت مشادة بين زميلين ، لاعتبارات ليس هنا مكان سردها ، وتندم كثيرون من الحضور ، لانهم ذهبوا ، ليس انتقاصا من مبادرة النائب الكريمة ، ولكن لكون الترتيبات ، لم يكن لها اطار سياسي ونيابي واعلامي ، فلم يتحدث رئيس مجلس النواب ، ولم يتحدث نقيب الصحفيين ، وباتت القصة اقرب الى "لمة الحبايب" ، وهو مشهد لايعالج اختلالات واضحة في العلاقة بين الصحافة والنواب ، ولا يزيل التباسات ، ولا يفك العقد الماثلة بين الطرفين.
المكاسرة الناشبة بين الطرفين ، جزء من مكاسرة أوسع ، ترتبط بصراعات نخبوية في عمان ، واصطفافات ، ومعسكرات ، وتقاذف بالالقاب والتوصيفات ، ومعالجة هذا المشهد ، في تفلتاته ، ترتبط بمعالجة عامة لكثير من الاوضاع ، عبر تنفيس اي احتقانات موجودة ، وطي صفحة كاملة بكل اسرارها ، وتجاذباتها ، واعادة المؤسسات والاشخاص ، من كل القطاعات الى توصيفها الوظيفي ، وادوارها الاساس ، هو حل المشكلة ، بدلا من مشهد "الملاكمة" الذي تنبري فيها كل الاطراف بلكم بعضها البعض ، مباشرة او عبر وكلاء ووسطاء ، هذا مع افتراض ان هناك ادوارا رقابية للصحافة والبرلمان ، لايجوز ان تغيب ، تحت وطأة الصفقات او المصالحات او ترطيب الاجواء ، لانها ان غابت في هذه الحالة ، تكون الدوافع شخصية ، فيما الدوافع العامة ، لا تغيب تحت وطأة تقبيل الذقون ، او الالتقاء في اي مكان.
لم يسلم النائب الداعي من جهة اخرى ، من رغبة نواب ، بحرمانه من اي رصيد او "كريدت" فغاب بعضهم على هذا الاساس ، وتغيب اخرون لان موقفهم لم يتغير من الاعلام ، وغاب فريق اخر ، لانه يعرف ان القصة لن تتغير بمجرد الاجتماع تحت سقف مطعم واحد ، لان تغذية الاشتباكات تتم لاسباب لا تخطر ببال احد احيانا ، وغاب اخرون لانهم لم يكونوا طرفا منذ البداية ، فلم يرغبوا في منح النائب الداعي "قوة القدرة" على جمع كل هذه الاطراف ، وهذا يؤشر من جهة اخرى ، على ان العامل الشخصي ما زال حاضرا بقوة ، حتى تحت العناوين الكبرى.
مبادرة النائب ، تبقى لافتة الانتباه ونبيلة ، لكنها كشفت ان هناك مشكلة حقيقية ، بغياب العشرات ، من الصحفيين والنواب ، وهو غياب في المجمل يؤشر على ان الاشتباكات ستبقى مستمرة ، بحسن نوايا ، اوبسوء نوايا ، وحتى يأتي توقيت يتم فيه "فك الاشتباكات" بين الف رجل يصدرون كل هذا الضجيج في عمان ، من مختلف الاتجاهات والمواقع والقطاعات ، نعرف ان الهدوء مؤجل حتى اشعار اخر.
يجمعنا في الاساس سقف وطن واحد ، وهذا السقف له استحقاقات علينا ، قبل سقف المطعم ، او اي سقف اخر.. أليس كذلك؟.
m.tair@addustour.com.jo