تحقيقا للشفافية ، وإجلاء للحقيقة ، وتتويجا لدور الأعلام ، قررت الجهات المعنية في بلاد أبو عرب السعيدة وغير السعيدة ، إنشاء قنوات فضائية لنقل صورة أبو عرب ، خالي الوفاض ، ناصعة البياض ، إلى العالم الخارجي ، العالم الذي يسعى لاستهداف أبو عرب كيف ما يشاء ، وبأي طريق يشاء ، لأنه عصر الحريات وحقوق الإنسان .تنقسم قنوات أبو عرب الفضائية إلى نوعين :
أولها حكومي ، ويقتصر إشغال الوظائف فيه على الأتباع والمريدين ، أما دوره فمعروف ومحدد بتلميع صورة حكومة البلاد الرشيدة ، والإشادة بمنجزاتها ، وإعلام عباد الله في كل مكان أن أمور أبو عرب فيها تسير على خير ما يرام ، وأن أبناء عمه في كل البلدان يحسدونه على ما هو فيه من نعم ، ولعل من أهمها أنه يعيش في موئل للديموقراطية والعدالة. وعلى الصعيد السياسي تقوم قنوات هذا النوع بتوجيه الشتائم والسباب إلى الدول الشقيقة ، أو اللمز والغمز فيها على أقل تقدير ، وتبث كل ما يسيء إليها ، دون الإشارة لا من قريب أو بعيد إلى مشاكل بلد القناة ، أما الدول الأخرى فلا تقرب ساحتها ، بل تشيد بها ، وتعتز بشهادات حسن السلوك التي تصدرها لها حكوماتها ، وتنكر القناة أي نقد أو لوم توجهه القنوات المماثلة الأخرى صدقا أو كذبا . البرامج الترفيهية في القنوات الحكومية من مسلسلات وأفلام قديمة ومملة ، وتم عرضها سابقا مرات ومرات ، وهي مسلسلات وأفلام غير محلية الإنتاج بل من إنتاج دول عربية أخرى ، ولا حكمة تذكر من تكرار عرضها .
تشكل القنوات الفضائية الخاصة النوع الثاني من المحطات ، ويفضل تسميتها قنوات المصائب أو الكوارث الفضائحية ، لا ُتعنى من قريب ولا من بعيد بالجوانب السياسية ، وعلى ذلك يمكن تسميتها قنوات الهروب الفضائية . الجمال المصطنع والإغراء والدلال أهم مؤهلات مذيعاتها ، ولبس الملابس الصيفية على مدار العام ، أهم صفات برامجها التفاهة والسطحية بكافة أشكالها ، مسابقات لمعلومات ليست بذات نفع لأحد ، أسئلتها ساذجة وسخيفة المستوى ، وزيادة في استغفال أبو عرب تكتب الإجابات أسفل صورة المذيعة ( دائما مذيعة ) ، يندفع أبو عرب ويتصل هاتفيا فتسأله المذيعة من أي البلاد يتصل ، لأن بلاد العرب أوطاني ، وتسأله عن اسم مدينته ، وحالة الجو وترسل له ولبلاده التحية لإطالة مدة المكالمة ، وكأن انتظاره على الخط لم يكن كافيا لإضاعة ماله ، وبعدها لن تذاع إلا مكالمات الإجابة الخطأ . كما تلجأ لأسلوب مشابه بإذاعة رسائل مكتوبة لبعض الشباب المسكين الذي يحاول تمرير رقم هاتفه الجوال لإحداهن بطريقة ما ، كما يقوم عدد من قنوات هذا النوع من القنوات بإحضار أحد الأفاقين أو الأفاقات ، ويسبغ عليه لقب " الشيخ أبو فلان " يتلو بعض القراءات ويقرأ الطالع ، ويفك الطلاسم ، وينقذ المتصل به من السحر ، كل ذلك بذكر اسم المتصل واسم أمه ونوع المشورة ، أما الأغاني فليست بأغان بل هي حركات بذيئة عارية ، حتى أغاني ما يزعم أنها للطفل فهي على نفس المنوال . ولا تنسى المسلسلات المكسيكية وغير المكسيكية المدبلجة ، لا يوجد بها أي فائدة أو تسلية مقبولة سوى مناظر لا تخرج عن سياق ما سبق .
كيف لأبو عرب أن يأمن على أولاده وبناته ، والجميع أمام سيل جارف من التفاهة والسطحية وكل ما تبرأ منه نفس كل حر وحرّة ؟ سؤال يطرحه أبو عرب ولا يجد له الجواب الشافي . أبو عرب يسأل .. هل من مجيب ؟ .
haniazizi@yahoo.com