الاستثمار خط أحمر، وَيَجِبُ اجتراح المعجزات من أجل تسهيله، فالمعادلة تَقُول إن تدفق الاستثمار يَعْنِي تقليل البطالة، وتحريك البلد، وكل حَرَكة اقتصادية تؤدي إلى تحريك غيرها فِي عملية انعاشية قَدْ تساهم فِي تحسين الوضع الاقتصادي، ودفع عجلة الاقتصاد الواقفة إلى الحركة.
وَعِنْدَمَا نتحدث عَن تشجيع الاستثمار فَلا نقصد فَقَط الاستثمار الخارجي، بَلْ والداخلي أيضًا، سواء كانَ استثمارًا بالملايين أوْ مُجَرَّد بَقَّالَة يفتحها شَخْص فِي حي بسيط، فأي فُرْصَة عمل توفر فِي البلد تَعْني أننا أبعدنا شخصًا عَن بيئة خصبة تنتج التطرف، أوْ أقلها الغضب والإحباط، وعدم الانتماء للوطن.
وسنتحدث هُنا عَن نَوْعية من موظفي الحُكومة سواء كَانُوا من الصغار أوْ الكبار، يتفننون فِي تعطيل مصالح المواطنين، ويفرحون كثيرًا وهم يرون المواطن يتعذب من أجل الحُصُوْل عَلَى مُوَافقة، أو تسيير إحدى معاملاته، ولا أعرف كم عدد هَؤلاء الموظفين، وما هِيَ نسبتهم، وهَذَا يَحْتاجُ مِنَّا إلى دراسة عِلْمِية حَتْى نعرف أين نضع أقدامنا عَلَى الأرض، وَهَلْ فِعلًا نسير فِي الاتجاه الصحيح نَحْوَ جَعَل بلدنا بيئة خصبة للاستثمار والتطور.
مَع غياب المَعْلومَة الدَّقيقَة حَول أمثال هَؤلاء، وَربَّمَا واجه بعضنا أمثاله، نكون كمن يسير فِي طَرِيق لا يرى فِيهِ شيئًا، فَلا تنفعنا ساعتها أي خطوة إصلاحية، أوْ مُحَاوَلَة لتسهيل الاستثمار، وَمَرَّة أخْرَى نركز هُنا عَلَى الاستثمار الداخلي، فالبلد مليئة برؤوس الأموال، وَهُنَاكَ عدد لا بأس بِهِ من النَّاس يبحثون عَن فُرْصَة استثمارية لِوَضْعِ مدخراتهم فِيهِا، وَأزعم أن هُنَاكَ مئات الملايين وَربَّمَا عدة مليارات تحتاج إلى إشارة الانطلاق للبدء بالاستثمار، وَلَكِنَّهَا متخوفة، ومشبعة بقصص التعطيل، أوْ الفشل، أوْ الخضوع إلى ما يشبه الابتزاز فِي بَعْض الأحيان.
البيئة العامَة المشجعة للاستثمار تأتي من خِلال تتبع الخلل، وإصلاحه، وَلا بُدَّ من وجود مَحْكَمَة مُخْتَصَّة وسريعة البت فِي القضايا الَّتِي ترفع ضد قرارات الحُكومة الَّتِي لَهَا عَلاقَة بالاقتصاد، وَفِي حَالَة وجود تعطيل أي معاملة وَلَوْ كانَت بَسيطَة جدًا فيجب مُعاقَبَة الموظف المعطل لَهَا، كَيْ يُصبح الأمر مُكْلِفَاً عَلَيْهِ، لأنَّ البعض يعطل المعاملات انْطلاقًا من أنه لَنْ يصيبني أي ضرر بسببها.
ربَّمَا كانَ هُنَاكَ شَخْص أوْ أكثر فِي بَعْض الدوائر الحكومية، وَقَدْ تجد فِي تِلْكَ الدائرة تعاونًا من الجَمِيع باستثناء شَخْص واحد قَدْ يعطل آلاف المعاملات سنويًا، وتَكْفِي الإشارة هُنا إلى ما قَالَهُ الملك مؤكدًا عَلَى ضَرُوْرَة تَطْبِيق القَانُون حِينما قَالَ: "لا أحد أكبر من البلد ومن يتخاذل عن إنفاذ القانون مشكلته معي أنا" وهَذَا الأمر شَامِل فِي كل نواحي القَانُون، وجزء من إنفاذ القَانُون عدم تعطيل معاملات المواطنين والمستثمرين دونَ وجه حق.
ليْسَ لَدَيْنا خيار سوى اجتراح المعجزات من أجل تحريك الاقتصاد الوطني، كَيْ ننقذ الشَّرِكَات والمؤسسات من التعثر والإفلاس، ونعمل عَلَى توفير فرص عمل، وَحَيَاة كريمة لمواطننا.
يَجِبُ ألا نسمح لفئة قليلة جدًا من موظفين يستمتعون بتعذيب النَّاس، وتعطيل أشغالهم كَيْ تخرب عَلينا حَيَاتنَا، وتجعلنا غير قادرين عَلَى التطور، فقطار الْحَياة لا يَنْتَظِر، وتحية لكل الموظفين الآخرين الَّذِينَ يعملون عَلَى تطوير البلد، وجذب الاستثمارات.

Mrajaby1971@gmail.com