نقابة المعلمين .. والبيان رقم 1 .. !!
د.طلال طلب الشرفات
21-11-2018 04:21 PM
أصبت بالذهول وأنا اقرأ البيان الصادر عن نقابة المعلمين والمتعلق بالمنحنى الطبيعي لتقييم المعلمين لما تضمنه البيان من شطط لا يليق في التوصيف، والتوظيف لمفردات تجاوزتها الثقافة الوطنية منذ عودة الحياة الديمقراطية، بيان لا ينسجم البتّة مع الأزمة الانفعالية ولا يليق أبداً بإسلوب الحوار بين المؤسسات التي يفترض بها احترام سيادة المؤسسات الدستورية في إدارة الشأن العام كقاعدة عامة، والابتعاد عن الخطاب الثوري التوتيري الذي غادرته أنظمة الحزب الواحد الشمولية منذ عقود.
لا ننكر على النقابات حماية حقوق منتسبيها واستخدام الأساليب الديمقراطية في الاحتجاج ومنها الإضراب، ولكن شرعية هذه الحقوق لا تعطي مجلس النقابة –أي نقابة– الاستقواء على مؤسسة دستورية بهذا الشكل باعتبارها صاحبة الولاية العامة في إدارة الشأن العام، ولا يجيز محاولة ليّ ذراعها أيّاً كانت تلك المطالبة، بل إن البيان بمفرداته الفجّة التي لا تليق بنقابة تنظم شؤون جيش المعلمين، وتشكل حاضنة للفكر، والثقافة، والأخلاق الوطنية؛ يفترض إعادة النظر في إسلوب مخاطبة السلطات العامة وفق أحكام الدستور والقانون.
بيان نقابة المعلمين سياسي انفعالي لا يخدم مطالب المعلمين المشروعة، ولا يضع أسس معقولة للحوار مع الحكومة، ويشي بالضرورة إلى حالة من الاحتقان في مجلس النقابة يرتبط أساساً بموقف النقابة السياسي من مشروع قانون ضريبة الدخل، وبالتالي فإن موضوع المنحنى الطبيعي ماهو إلاّ قميص عثمان في هذا الظرف، وأعتقد أن الحكومة ستستجيب لما تم الاتفاق عليه بدون هذا البيان الذي يشكل اختراقاً خطيراً لمقتضيات ولغة الحوار الوطني في كل القضايا التي يمكن الاختلاف عليها.
المادة (120) من الدستور تنص: "التقسيمات الإدارية في المملكة الاردنية الهاشمية، وتشكيلات دوائر الحكومة، ودرجاتها، وأسماؤها، ومنهاج إدارتها، وكيفية تعيين الموظفين، وعزلهم، والإشراف عليهم، وحدود صلاحياتهم، واختصاصاتهم تعيّن بأنظمة يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك". والمادة (47) من الدستور تنص: "الوزير مسؤول عن إدارة جميع الشؤون المتعلقة بوزارته وعليه أن يعرض على رئيس الوزراء أية مسألة خارجة عن اختصاصه"، وبتدقيق النصوص الدستورية سالفة الذكر نجد أنه لا يجوز للحكومة إبرام اتفاقات قانونية مع أية جهة؛ لأن أمر تعديل الأنظمة يعود لمجلس الوزراء وليس لرئيس الوزراء, أو وزير التربية والتعليم، هذا من جهة أما من جهة أخرى فإن علاقة مجلس النقابة المباشرة هي مع وزير التربية في هذه المرحلة؛ باعتبار أن الوزارة التي ترعى شؤون المعلمين هي وزارة التربية والتعليم .
المنحنى الطبيعي لتقييم قضية مطلبية لا يحتاج لهذا البيان الملحمي الذي يعبر عن استغلال مؤسف للحالة الوطنية التي ترافق إقرار مشروع قانون الضريبة، ولا يعكس أي حرص لبوادر الاستقرار الوطني في هذه المرحلة الوطنية الدقيقة؛ في وقت تجري المؤآمرات الدولية والإقليمية لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن من خلال صفقة القرن، سيما وأن اللغة المستخدمة في البيان لا تنسجم مع المطلب، ولا تعبر عن أفق سياسي مقبول، وتصل في بعض مفرداتها إلى جرم الذم القدح وتحقير مؤسسة عامة، وتلك جريمة يعاقب عليها القانون.
لا يظن أحداً أنني لست مع مطالب المعلمين المشروعة، بل هي أولوية لمطالبنا أبان أن كنا أعضاء في لجنة الحوار الوطني عام (2011) ولست مع طريقة وضع المنحنى الطبيعي الذي جاءت به الحكومة؛ لأن تقييم الموظفين العامين؛ حق دستوري، وقانوني مشروع لكل المؤسسات العامة، وتستطيع الحكومة استخدامه بهامش واسع دون النسب القسرية التي جاءت بها وأثارت احتجاج المعلمين، ولكن خلافي مع البيان ناجم عن اللغة غير المقبولة التي جاء بها، واسلوب التهديد والوعيد المرفوض من كل الجهات بما فيها الحكومة، واللغة غير السياسية المستخدمة في منطوق البيان.
على مجلس نقابة المعلمين أن يعتذر عن لغة البيان، ومفرداته، وأن تكون المطالب المهنية وليست السياسية هي لغة الحوار مع الآخرين، وعلى الحكومة أن تستمع لمطالب المعلمين فوراً، ودون إبطاء، وبدون اتفاقات مكتوبة تجعل من الأدوار الوطنية، والوظيفية للمؤسسات، والهيئات متداخلة، ومرتبكة، وعاش المعلم الحر الذي يضع الوطن وأمنه بين الرمش منه والعين .....!!!