نجح الغرب في ظل منظومة إعلامية جبارة، في استخراج صورة نمطية عن الإسلام والمسلمين، وهي للأسف صورة قبيحة، تمكنت خلالها الآلة الإعلامية الضخمة وبدعم الحكومات الغربية من الجمع بين الإسلام والعنف والتطرف، حتى بات من البديهي للعقل الغربي ربط الإسلام بالإرهاب.
والإسلام يواجه في هذه المرحلة أشكال متعددة من سوء الظن، وحملات من التشكيك والاتهام، وأصبحت الدول الغربية تقرع طبول الحرب، وتؤجج الصراعات ، وتزرع الفتن في البلدان الإسلامية، عبر استغلال الإعلام الغربي الذي لا يكف عن التحريض إزاء كل ما يتعلق بالإسلام. لقد تعاملت الحضارة الغربية مع الإسلام على أنه يشكل تهميشا وتقويضا لدورهم في السيطرة على ثروات العالم ومصيره، وكأن لسان حالهم يقول ما كان ينبغي للنبي محمد (ص) والمسلمين أن ينشروا هذا الدين، الذي نتج عنه تحجيم ومصادرة الحضارة الغربية.
ولعل موضع الفهم البعيد عن الصواب للإسلام، أنه لم يظهر نتيجة حركات جماهيرية ومطالب فئوية أو شعبوية، ولم يكن مذهبا قوميا لتحقيق طموحات فردية، أو توسعات إقليمية، كما يطيب للدول الغربية أن تصفه. وواقع الحال في الإسلام الذي لا يفسح قادة الرأي في الغرب وإعلامه المجال الكافي لإدراك ديناميكيته وقوته وحيويته، أنه قادر على التكيف مع الحداثة والديمقراطية وحرية التعبير والتسامح الديني، لكونه دين بالمعنى الكامل لهذا المصطلح كمنظومة جامعة للإيمان بالإله الخالق، الجدير وحده بصفات الجلال والجمال والكمال، والإيمان بالرسل كافة وبالكتب المقدسة والملائكة واليوم الآخر.
ومع هذا يدرك أصحاب الرأي في الغرب أن الإسلام لا يصنع الخلاف مع الآخرين، ولا يزرع البغضاء مع غير المسلمين، بل يبني جسور التعاون معهم، على أساس أن كل الناس إخوة في الدين أو في الخلق، شريطة مراعاة قيمه وثوابته، والإقلاع عن الغزو الثقافي والفكري بأساليب مختلفة ووسائل متعددة لتدمير قوى الأمة الداخلية والأخلاقية.
ومن هنا تتكشف مدى العداوة الشديدة التي يكنها الغرب للإسلام والمسلمين، ومواصلة الربط ما بين الإسلام والإرهاب، وكيل الاتهامات جزافا على الإسلام ودوله وشعوبه، في الوقت الذي يدعي فيه هذا الغرب أنه معقل الحرية، والعدالة والديمقراطية. ويتضح ذلك من خلال الاختراق الغربي للإسلام داخل بلاد المسلمين، وخلخلة بنية المجتمع الإسلامي، والتحريض على الانفصال والفرقة، وتأجيج الصراع وإشعال الحروب بين المسلمين، ومساندة الكيان الإسرائيلي وتأييد عدوانه على الشعب الفلسطيني، ودعم عقيدته العنصرية، واستباحته لحرمة المقدسات الإسلامية في المسجد الأقصى .
من حق الرسالة المحمدية التي جاءت لتزكية النفوس، وتقويم القلوب وإصلاح الباطن والظاهر والخلقِ والسلوك، وهي دين الإنسانية والثقافة والحضارة، أنزلها رب العالمين ليكمل بها الأديان بعقيدة التوحيد، أن تجد لها المجال للتعبير عن جوهرها، وأن تعرف الأمم مدى إنسانية هذه الرسالة، وأن تحظى كافة الشعوب الإسلامية بالتقدير والاحترام، وأن تصان حقوقهم على حد سواء مع نظرائهم في الإنسانية على امتداد العالم.
المنهج الإسلامي لا يقبل العنف والإرهاب، بل يرفضه جملة وتفصيلا، ويؤكد على مناصرة القضايا العادلة، ويدعو إلى تمكين الناس من الدفاع عن حقوقهم بالأساليب المشروعة، بعيدا عن الانحياز والظلم. والإسلام يدعو المسلم إلى الأمانة والوفاء بالعهود ويحرم عليه الخيانة والغدر، ويأمره بالإحسان في التعامل مع الناس، بل مع سائر الكائنات في هذا الكون، ولو استجاب حكماء الغرب لصوت العقل والصواب لأدركوا أن الإسلام هو محور الحياة، وفيه النجاة لبني الإنسان.
الرأي