دبلوماسية نيابية تفتح أبواب دمشق
فهد الخيطان
20-11-2018 03:12 AM
أمس توجه وفد نيابي إلى دمشق في زيارة هي الأولى منذ اندلاع الأزمة في سورية. الوفد ضم وجوها نيابية بارزة ورؤساء لجان، وقد التقى الوفد الرئيس السوري بشار الأسد في اليوم الأول من الزيارة.
يؤكد نواب على اطلاع بالترتيبات، أن الزيارة تمت بمباركة رسمية وفي سياق حالة من الانفراج المتبادل تشهدها علاقات البلدين منذ عودة الهدوء للجنوب السوري، وفتح المعابر.
النواب منقسمون حيال زيارة الوفد، فمنهم من يعارضها لاعتبارات سياسية تتعلق بالموقف من النظام السوري. لكن التطورات في سورية التي صبت في مجملها لصالح النظام، أضعفت موقف المعارضين، خاصة وأن رئيس المجلس المهندس عاطف الطراونة، كان قد استهل عملية التطبيع النيابي مع سورية بلقاء مع نظيره السوري على هامش مؤتمر برلماني، وأعلن مرارا تأييده لفتح خطوط الاتصال مع دمشق على كل المستويات.
الأشهر القليلة الماضية شهدت اتصالات أمنية وفنية مكثفة بين الطرفين، أفضت لتوقيع اتفاقية فتح الحدود، واستئناف حركة المسافرين ونقل البضائع بين الجانبين، ثم تلتها زيارة متبادلة لوفود تجارية وزراعية، وحركة سياحة أردنية نشطة باتجاه دمشق.
خلف الكواليس ثمة إشارات إيجابية على المستوى السياسي بين البلدين. الأردن يدعم جهود الانفتاح العربي على دمشق، ولا يرى بديلا عن حضور عربي في المشهد السوري لتمكين السوريين من تحقيق طموحهم بالاستقرار والاتفاق على خطوات موحدة لطي صفحة الأزمة بما يحفظ وحدة سورية أرضا وشعبا، ويضمن حق شعبها بالاختيار الحر لمستقبله السياسي. وفي هذا السياق يرى الأردن أن عودة سورية لجامعة الدول العربية أمر حيوي لكل الأطراف.
وخلال الأشهر القليلة الماضية عمل الأردن عن كثب مع الجانب الروسي لتحقيق الاستقرار في الجنوب السوري، وفق آلية انتقال سلسة ضمنت سيطرة الجيش السوري على المناطق الحدودية دون خوض أية مواجهات عسكرية دامية أو تهجير مزيد من السوريين. معادلة حققت مصلحة الأردن والجانب السوري في نفس الوقت، وفتحت الباب أمام عمل جدي لتأمين عودة أكبر عدد ممكن من اللاجئين السوريين لديارهم.
الدبلوماسية النيابية هي مدخل مناسب لاستئناف العلاقات على مختلف المستويات، مثلها مثل الدبلوماسية الاقتصادية التي دشنت المعابر بين البلدين. وفي مقابل زيارة النواب الأردنيين لدمشق يمكن التفكير بزيارة مماثلة لوفد نيابي سوري لعمان لاستكمال خطوات تصويب العلاقة.
صحيح أن الأزمة السورية لم تبلغ نهايتها بعد، فهناك تجاذب دولي وإقليمي مستمر ميدانه الأرض السورية التي ماتزال تستقبل قوات أجنبية بعضها بترتيب واتفاق مع الحكومة السورية وبعضها الآخر بخلاف إرادتها كالقوات الأميركية التي تهيمن على مناطق شرق الفرات، وعناصر تركية في شمال سورية. كما أن ملف إدلب الأخطر على صعيد الحرب ضد الإرهاب مايزال بلا حل حتى اللحظة.
لايبدو في الأفق تفاهم روسي أميركي على التسوية في سورية، والمخاوف من انتكاسات مبرمجة تبقى مشروعة. لكن كل هذه الاحتمالات المفتوحة تفرض على الدول العربية إعادة تقييم موقفها من الأوضاع في سورية، كي لا نعود إلى مربع الأزمة من جديد.
مصلحة العرب جميعا هي دعم عملية إعادة الاستقرار والبناء في سورية، لتخليصها من صراع الأجندات الدولية الذي لايرحم.
الغد