النخب السياسية .. صراعات تؤشر على تفاقم ازمتها
فهد الخيطان
08-07-2009 06:11 AM
*** غياب الطابع المؤسسي يُحوّل السجال الى صراع شخصي على الامتيازات
تمور الساحة البرلمانية والسياسية بالتجاذبات والصراعات بين رموزها السياسيين والتي تأخذ طابعا حادا وشخصيا في بعض الاحيان ويتبادل المتخاصمون الاتهامات وكل طرف يهدد بفتح ملفات الآخر وهكذا يحار المرء في تفسير هذه الظواهر فالمواجهة تبدأ من دون ان نعرف لها سببا مباشرا وتخمد نيرانها من غير ان تسوى ملفاتها. وفي المحصلة لا نعلم من كان على حق او على باطل.
تجرى محاكمة مرحلة سابقة ويرد رموزها على الاتهامات باعنف منها وتستهلك وسائل الاعلام وقت الناس في الردود المتبادلة ويتبعها سيل من »التعليقات التي تصب الزيت على النار لتشتعل من جديد. والمفارقة ان ما نسمعه من كلام خطير يظل في دائرة السجال الاعلامي ولا يجد له مستقرا في السياسة او القضاء ليقول كلمة الفصل. هذا النوع من السجال لا يردع الفساد والفاسدين, لا بل انه يوفر لرموزه منابر اعلامية لتلّمع صورها وتخفي شرورها وتواصل مخالفاتها للقانون.
يؤشر هذا المستوى من الصراع على تدهور فظيع في مستوى النخب السياسية الاردنية التي باتت منقسمة الى كسور عشرية تناصب العداء بعضها بعضا وتنهش سمعتها وتتصارع على ابخس المنافع وتجر المجتمع من خلفها لمعارك تبدأ وتنتهي عند مصالح شخصية صغيرة.
لقد شهدت البلاد السنة الماضية سجالات عنيفة, هذا صحيح; لكنها لم تكن مجرد صراعات شخصية وإن لم يغب عنها ذلك البعد, لكن كان لها مضمون وطني وعناوين وطنية مهمة تتصل بوجهة الدولة وسياساتها.
في الآونة الاخيرة تردى مستوى النقاش الوطني وصار في مجمله كيديا وثأريا ويعكس هذا ازمة النخب الاردنية التي تفتقر للمشروع السياسي وتخوض معاركها من اجل النجومية الشخصية من دون ان توظف »الكارزما« والحضور في سياق عمل مؤسسي يدير الصراع بأدوات ديمقراطية وعصرية بين تيارات سياسية كما هي الحال في بلدان العالم المتحضر.
الخراب الذي يصيب النخب يمتد الى المجتمع بشكل اتوماتيكي فعندما يخيب امل الناس بقادتهم يفقدون الحماس للمشاركة في الحياة العامة ويزدادون عزلة عن قضاياهم.
وعندما تفقد النخب السياسية قيمها الاخلاقية والوطنية يعاملها المجتمع بالمثل وهذا هو اسوأ اشكال الفساد السياسي والاجتماعي واخشى اننا وصلنا الى هذه الحال.
قبل ان نبدأ في عملية اصلاح القوانين وتنمية الحياة السياسية او التفكير بانتخابات مبكرة على الدولة وقوى المجتمع الحية ان تشرع في حملة لتنقية المناخ السياسي من الشوائب واعادة الاعتبار للقيم والمبادئ التي تحكم سلوك النخب والمجتمع. والا فإن ما شهدناه في الانتخابات السابقة من بيع وشراء علني للأصوات سيبقى هو القاعدة التي تحكم اداء الطرفين.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net