بدأ التوتر على الجبهة الاردنية بشكل دراماتيكي من 25/1/1968 وتصاعد في 15/2/1968حيث استشهد سبعة من ضباطنا وجنودنا هم الرائد الركن منصور كريشان والعريف محمود عيد قاسم النسور والجندي الاول عوض محمد ابراهيم الجراح والجندي منير احمد ابراهيم المصري والجندي احمد حسن عبد الرحمن والجندي محمد عقلة مصطفى عبد الرحمن والجندي احمد عبد الله حسين .
وقد نجحت استخباراتنا الاردنية بقيادة العقيد غازي عربيات مقدرة فائقة على اختراق الاسرار العسكرية الاسرائيلية ومعرفة ماذا يخططون . وعرفوا حجم القوة الاسرائيلية ، فقد اعد العدو لنزال الكرامة اربعة الوية دروع اللواءين 7 و 60 ، ولواء المظليين 35 و لواء المشاة 80 ، وخمس كتائب مدفعية ميدان عيار 105 ملم وهاوزر و 155 ملم وراجمات ، ودبابات سنتورين مارك مسلحة بمدافع 105 ملم ورشاش 500 ، ودبابات سوبر شيرمان ، وناقلات مشاة مدرعة نصف مجنزرة ، ومدرعات الاستطلاع بنهارد وامكس ، وعناصر الاسناد والخدمات والمشاغل والخدمات الطبية المحمولة ، واربعة اسراب طائرات ميراج ومستير وطائرات هيلوكبتر قادرة على نقل كتيبتي مظليين مع معداتهم .
وقد اطلع غازي عربيات قادة الفدائئين على المعلومات بطلب من اللواء عامر خماش .التي تؤكد ان العدو يعد العدة للهجوم . واجتمع غازي عربيات في الكرامة مع ياسر عرفات وصلاح خلف وخليل الوزير وفاروق القدومي وممدوح صيدم . وابلغهم رسالة قائد الجيش . فاتخذوا قرارا ان على القادة مغادرة الموقع ، الى التلال شرق الكرامة بينما غادر خليل الوزير الى دمشق .
بدأ الحشد والتحرك الى المواقع الهجومية من 19/3/01968على طرق طولكرم نابلس ، الجفتلك والقدس ، اريحا ، رام الله ، الطيبة اريحا . في الاغوار باتجاه الجسور والمخاضات .
وقد بدأ الهجوم على اربعة محاور هي ؛ محور العارضة عن طريق جسر الامير محمد الى مثلث المصري ثم السلط ، ومحور وادي شعيب عبر جسر الملك الحسين الى الشونة الجنوبية ثم باتجاه وادي شعيب والسلط ، ومحور سويمة عن طريق جسر الملك عبد الله ثم غور الرامة باتجاه ناعور ، محور غور الصافي ، جنوبي البحر الميت الى غور الصافي الى الطريق الرئيسي باتجاه الكرك .
بدأ الهجوم حوالي الخامسة والنصف صباحا ، وما ان اصبحت الساعة العاشرة حتى شعر الجيش الاردني انه يسيطر على مجريات المعركة ويخوضها ببسالة ، اذ هبط المظليون ودخلت الدبات والمدرعات والاليات وانطلقت فوهات المدافع والدبابات والرشاشات والبنادق حتى السلاح الابيض استخدمه حنودنا ببسالة وحرفية .
القوات الاردنية المشاركة فعليا كانت تتالف من فرقة مشاة مؤلفة من 4 الوية مشاة ولواء دروع وكتيبة دبابات مستقلة واسلحة الاسناد . الفرقة الاولى بقيادة مشهور حديثة الجازي في القطاع الاوسط ، وكانت الفرقة تضم ثلاثة الوية مشاة واللواء المدرع 60 ، لواء القادسية على محور العارضة بقيادة العقيد قاسم المعايطة ، ولواء الاميرة عالية على محور وادي شعيب بقيادة العقيد كاسب صفوق الجازي ، ولواء حطين على محور ناعور بقيادة العقيد بهجت المحيسن ، واللواء المدرع 60 بقيادة العقيد الشريف زيد بن شاكر . ومدفعية الفرقة بقيادة العقيد شفيق جميعان ، وتتالف من اربعة كتائب ميدان و 105 ملم وكتيبة مقاومة طائرات وبطارية مدافع ثقيلة .
رئيس اركان جيشنا كان الفريق الطيار عامر خماش ، قائد لواء الاميرة عالية كاسب صفوق الجازي ، النقيب حكم الروسان نقيب هندسة ، كان قائد سلاح الهندسة العقيد الركن المهندس عبد الهادي المجالي ، وامر مدرسة الهندسة الرائد فخري ابو طالب ، وقد شكل سلاح الهندسة سرية انتحارية لتدمير اليات العدو بثلاثة فصائل يقودها النقباء يوسف شوكت واحمد عفانة وسهيل عماري .
لواء الامير الحسن بن طلال 60 قائد اللواء العقيد الركن الشريف زيد بن شاكر، ركن عسكري اللواء الرائد الركن عبد الحافظ السيد ( السيايدة) ، قائد كتيبة الدبابات الثالثة المقدم الركن علاوي جراد ، اما قادة السرايا فهم الاولى يقودها الرئيس فاضل علي فهيد على محور الكفرين ناعور، ومعه من قادة الفئات المرشح محمد رسول مطلق على المغطس ، والملازم علي ابو العصام على مثلث الكفرين ، والمرشح غالب عبد الحميد احتياط ، والملازم محمد راضب العبد الله .
السرية الثانية يقودها عاكف محمود المجالي ، ومعه من قادة الفئات الملازم عبد الجليل المعايطة مع قوات الحجاب قرب جسر ام الشرط ، والمرشح سالم محمد الخصاونة في المندسة مع قوات الحجاب ، والمرشح عارف محمود الشخشير مثلث الشونة ، والوكيل عبد السلام محمد على جسر الملك حسين ، اما السرية الثالثة فيقودها الرئيس محمد كساب المجالي على محور العارضة السلط ، ومعه من قادة الفئات الملازم الاول مشهور عبد الهادي على مخاضة السعيدية ، والملازم محمد صالح على جسر الامير محمد مع قوات الحجاب ، والملازم احمد سالم احتياط ، والمرشح خالد شايش تعمل فئته بامرة لواء القادسية . اما كتيبة الدبابات الخامسة فقد كانت في الاحتياط في طبربور بقيادة الرائد الركن خلف عواد . وقد شاركت بالمعركة على محوري وادي شعيب وناعور الكفرين ، وكان قادة سرايا الكتيبة هم الرئيس محمود سالم ابو وندي قائد السرية الاولى تعزيز محور ناعور الكفرين ، والرئيس محمد خليل قائد السرية الثانية تعزيز محور وادي شعيب ، والرئيس عواد سعود السرية الثالثة تعزيز محور العارضة .
اما لواء القادسية بقيادة قاسم المعايطة على محور داميا السلط . فقد كانت قيادة اللواء في الصبيحي ، وضباط اركان اللواء هم الرائد الركن ممدوح خازر المجالي الركن العسكري ، والرئيس الركن جزاع ارتيمة ركن الادارة واللوازم ، والرئيس الركن سالم خضر ابو زيد ركن العمليات الثالث ، والرئيس ياسين الطراونة ركن الادارة الثالث ، والرئيس عصمت رمزي ضابط الاستخبارات، والملازم الاول محمد عبد الهادي قائد معسكر اللواء .
اما قادة كتائب لواء القادسية ؛ كتيبة سعد بن ابي وقاص المقدم عبد الله صايل مسؤول عن الحجاب ، كتيبة عمر بن الخطاب المقدم محمد عوض العمري تحتل يسار المحور ، كتيبة حمزة بن عبد المطلب المقدم عوده عويد تحتل يمين المحور . اما المدفعية الثقيلة والمتوسطة من لواء القادسية فقد كانت بامرة قيادة الفرقة . اما السرايا سرية دروع من كتيبة الدبابات الثالثة بقيادة الرئيس محمد كساب ، وسرية هندسة من كتيبة الهندسة الثالثة يقودها الرئيس احمد الجمل ، وفئة لاسلكي 28 من كتيبة اللاسلكي الاولى يقيادة الرئيس احمد علي حسنات . وفئة طبية من الاسعاف الرابع بقودها طبيب صحة . والفئة المتقدمة الاولى يقودها الملازم محمد علي مديفع ، اما قوات الحجاب فهي سرية مشاة من كتيبة سعد وفئة دبابات بقيادة الرئيس فايز اللوزي .
وقد كانت الفرقة الرابعة الملكية ( التي كانت تسمى الاولى ) التي تتكون من اللواء الاول واللواء الثالث واللواء الرابع وكتيبة مدفعية ولواء الاميرة عالية ولواء الامير الحسن 60ولواء حطين بكتائب الملك غازي الاول والملك عبد الله السابعة والكتيبة الهاشمية العاشرة وكتيبة جعفر 39 وكتيبة الدبابات الثالثة وكتيبة الدبابات الخامسة ومدفعية الفرقة الاولى وكتيبة المدفعية الخامسة والثالثة والسابعة والتاسعة وكتيبة الاتصالات الرابعة وكتيبة التموين والنقل الرابعة وكتيبة الصيانة الرابعة والكتيبة الطبية الرابعة وكتيبة الحرس الالية الثالثة والمدفعية السادسة ( كتيبة الامير حمزة بن الحسين) . وكتيبة الدفاع الجوي الميداني الرابعة وكتيبة العروبة الملك محمد الخامس 14 .
قدمت الشهداء الفرقة الاولى بكتائبها السبعة . واللواء المدرع الستين بكتائبة الاحدى عشرة . ومديرية التموين والنقل الملكي بسريتين وفئة تصليح مدفعية . فقد كان شهداء الكرامة 85 شهيدا من مختلف الرتب .
خاطب جلالة الملك الحسين شعبه وامته العربية اثناء سير المعركة ، قائلا : " اليوم تسمعون عنا وليس منا ". والتقى جلالته مع جريدة المحرر اللبنانية في نفس اليوم . وارسل برقيات لقادة الامة ، ورفض جلالته وقف اطلاق النار الذي طلبته اسرائيل الساعة الحادية عشرة والنصف .
شاركت فصائل من المنظمات الفلسطينية في معركة الكرامة خاصة داخل البلدة ، ولم تذكر الكتب التي اصدرها كل من ابو اياد صلاح خلف وكتابه فلسطيني بلا هوية وكتاب الثورة الفلسطينية الذي اصدرته حركة التحرر الوطني لم تذكرمقاتلا او شهيدا اردنيا واحدا . فمن يقراها يظن ان الكرامة بلدة فلسطينية داخل اسرائيل او انها في فيتنام . وقد سلم من بلايا المعركة ابو عمار وابو اياد وابو اللطف وابو ماهر الذين خرجوا من الكرامة مبكرا الى التلال القريبة ، فيما استشهد القائد الميداني ابو شريف . وانكر ابو اياد دور المدفعية الاردنية صباحا بينما اعترف بالقصف المدفعي الاردني العنيف من الساعة 11 علما بان الملازم العسكري خضر شكري استشهد قبل الساعة 7 صباحا . ويذكر ابو اياد ان شهداء المنظمة 25 فقط ويوصل الرقم 55 . هم 18 في بصة لاحم و 9 في بصة الفرس و 28 في الكرامة . وقد اعترف ابو اياد انه لم يطلق طلقة واحدة في الكرامة ولم يكن له اي اتصال مع قيادة اخرى .
اشترك في الكرامة 25 الف جندي من الطرفين . وفي مقبرة ام الحيران الشهداء من المنظمات وعددهم 18 . وفي المقبرة الجماعية في الكرامة 55 شهيد . وعدد منهم مكرر اسمه في الكرامة وام الحيران .
وفي الكرامة نزلت قوات المظليين من اربع طائرات مروحية شرقي القرية لقطع طريق الانسحاب على الفدائيين والجنود وقد حارب الجنود والفدائيون جنبا الى جنب، وقد اعترف رئيس الاركان الاسرائيلي حييم بارليف بفداحة الخسائر ، حيث قال ان الاسارئيليين قتلوا 150 فدائيا و دمروا 30 دبابة اردنية .
صدر عن المعركة احد عشر بيانا عسكريا من الساعة السادسة صباحا الى التاسعة مساء .
وقد كانت الخسائر من الطرفين ، خسائر اسرائيل كما ذكرها العدو بلغت 250 قتيل و 450 جريح . و11 دبابة و 3 ناقلات وسيارتان 3 طن وثلاث سيارات جيب . خسائر اسرائيل في الرواية الاردنية كانت ، 27 دبابة 18 ناقلة 24 سيارة جيب 19 الية مختلفة 7 طائرات مقاتلة . خسائر القوات الاردنية هي 66 شهيد بينهم 6 ضباط و 108 جرحى منهم 12 ضابط و 13 دبابة و 39 الية و عطب 20 دبابة. وخسائر الفدائيين الفلسطينيين 55 شهيدا .
للمزيد من العلومات والتفصيلات انصح بالرجوع لملف معارك الكرامة للدكتور بكر خازر المجالي وفيه الخطط والاستراتيجيات وسير المعارك والوحدات العسكرية المشاركة واعلامها وراياتها وقادتها وسير المعارك بالتفصيل وشهداء المعركة من الجيش والفدائيين في اكثر من (1000) صفحة من القطع المتوسط ويرجع كذلك لكتاب تاريخ الاردن في القرن العشرين لسليمان موسى والكتب عن الجيش العربي وكتب تاريخ الاردن والتربية الوطنية .