أستوقفتني فترة زمنية من سنوات عمري أطالع تاريخ اوروبا وسر تقدم هذه الأمم عن غيرها ظننت حينها أن هذا الجنس البشري الذي ساد العالم في العصر الحديث ما كانت الا شعوبا تعيش في ضلال وجهل مبين وخاصة الشعوب الاسكندنافية التي عرفت باسم الفايكنج والنورمان وهي ربما بقايا شعوب دول اسكندنافيا حاليا التي تتمتع شعوبها حاليا بأرفع درجات العلم والمعرفة والرقي والرخاء الاجتماعي.
كل هذا وجدته في كتاب «دراسات في الادب والفكر» أوغلت في قراءته لدرجة الاشباع ولم أكن أدري حينها أن الكتاب الأنيق الذي ما زلت أحتفظ بنسخته ووجدت به ضالتي في البحث عن حقيقة تعيد الي الثقة كإنسان عربي بماضي أجداده التليد يعود الى رمز من رموز الادب العربي الحديث د.محمود السمرة الذي غادرنا بعد حياة حافلة سخر خلالها قلمه في دراسات مطولة بالأدب والفكر لتبقى نبراسا نقتبس منه كل ما يشبع غرائزنا الفكرية والادبية في مجتمع عربي يتغنى بكل ما يبعث في النفس نشوة الفخر والانتصار.
ولعل المبادرة الثقافية التي تطلقها جامعة البتراء سنويا ومنذ سبع سنوات مسابقة د. محمود السمرة الثقافية ما هي الا أقل واجب تجاه قامة أدبية من قامات الوطن وما أجمل التكريم في حياة المرء الذي قدم عصارة علمه وادبه حينما خدم اربعة عقود في رحاب ام الجامعات الجامعة الاردنية ولينجح بعدها في رئاسة أقوى الجامعات الأهلية حينها البنات سابقا البتراء لاحقا ونأمل أن تلتفت وزارة الثقافة الى هذا العمل الجميل الذي اطلقته جامعة البتراء جائزة أدبية تحمل اسم هذا المفكر الكبير والذي نفاخر به الامم وادراج هذه الجائزة ضمن الجوائز السنوية التي تنظمها وزارة الثقافة وتحمل أسماء قاماتنا الادبية في المملكة .
ولا أدري هل هي الصدفة التي قادت لنا حيدر محمود ومحمود السمرة أسماء لامعة في الأدب والشعر انحدرا من قريتين مهجرتين متجاورتين هما قريتا الطنطورة والطيرة في مدينة حيفا على الساحل الفلسطيني.
وصدق شاعر الاردن الكبير حيدر محمود حينما خاطب ابن بلدته قائلا :
يا محمودَ السَّمرةِ
لا أعْتَذِرُ اليكَ عن الحُزْنِ،
لأنّي حينَ أراكَ.. أراني
وأرى فيَّ، وفيكَ «الطّيرةَ:، و»الطَّنْطورةْ»!
والكرملَ، والبَحْرَ،
وسائرَ أطلالِ الدّيرةْ!
لا أَعتذرُ، ولكنْ أنتظرُ، بلا فزعٍ
وبلا هَلَعٍ،
زلزالَ «سدومَ» و «عامورة»
الدستور