براءة مركز حماية وحرية الصحفيين
نضال منصور
18-11-2018 12:23 AM
برأت محكمة استئناف عمان مركز حماية وحرية الصحفيين ورئيسه التنفيذي –أنا شخصياً- من الاتهامات التي وجهت لهما من قبل النيابة العامة، وقررت فسخ قرار محكمة بداية عمان بسجني لمدة عام مع الغرامة المالية لي وللمركز.
وأعلنت محكمة الاستئناف بقرارها الذي صدر بتاريخ 28/10/2018 برئاسة القاضي أحمد القطاونة وعضوية القاضيين عبد الرحيم المعايطة وغازي المعاسفه عدم مسؤوليتنا عن الجرمين المسندين، ويعتبر قرار محكمة الاستئناف قراراً باتاً وقطعياً.
هذا القرار وسام فخر وشرف على صدري بعد أن تعرضنا لحملة باطلة وظالمة امتدت لأكثر من عام ونصف العام، والقرار القضائي القطعي يمنحنا شرعية سياسية وقانونية وشعبية ومهنية إثر حملة تشكيك بأهدافنا وغاياتنا، ويؤكد التزامنا بقواعد الحوكمة الرشيدة.
القرار القضائي التاريخي وثيقة قانونية تعطي قوة لمكانة مركز حماية وحرية الصحفيين وعزماً وإرادة لإدارته، ويكرس دوره دفاعاً عن الحريات العامة وحرية التعبير والإعلام، ليس في الأردن فحسب بل في العالم العربي.
قرار محكمة الاستئناف لم يبرئ ساحتنا ويؤكد على سلامة موقفنا القانوني فقط، بل أكد بجرأة وشجاعة الناطقين بالحق والعدل أن أهداف مركز حماية وحرية الصحفيين جميعها تصب في خدمة مؤسسات المجتمع المدني والحكومي في مجال الإعلام والصحافة، والتوعية بأهمية الرأي والرأي الآخر لخدمة المجتمع.
قرار المحكمة أعاد لي بصيص الأمل بأن الظلم لا يطول، وأن العدالة حتماً ستأخذ مكانها مهما طال الزمن واشتدت المحن.
براءتنا بقرار من محكمة الاستئناف ليس شرفاً وفخراً لنا نحن الذين تجرعنا مرارة الملاحقة والتضييق، بل انتصار للأردن ولاستقلال قضائه، وترسيخ لمبادئ العدالة وسيادة القانون، وتقدير للجهود التي بذلتها مؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها مركز حماية وحرية الصحفيين.
الآن وقد صدر قرار محكمة الاستئناف القطعي فإنني بانتظار أن تلتزم الجهات الحكومية بإنفاذ القرار القضائي دون مماطلة، فيعود مركز حماية وحرية الصحفيين لممارسة دوره الفعال في خدمة الإعلاميين.
مركز حماية وحرية الصحفيين طوال 20 عاماً لم يخرق القانون، وكان يترجم شعار جلالة الملك عبد الله الثاني "حرية الصحافة حدودها السماء" في عمله وممارساته قولاً وفعلاً، وقدم صورة الأردن في المحافل الدولية بأفضل وجه، وهو الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان.
لا نحتاج الى شهادة سلوك، فمؤسسات المجتمع المدني التي تعمل في ميدان حقوق الإنسان في مقدمة المدافعين عن البلاد، وهي تفعل ذلك ليس من خلال تجاهل المشكلات وإنكار التحديات، وإنما بالعمل الجاد لتحسين الواقع وبناء صورة مشرقة للأردن.
تلقيت خبر براءة مركز حماية وحرية الصحفيين ونحن في جنيف نراقب ضمن وفد "التحالف المدني" الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في الأردن، وهذا الأمر زادنا إصراراً على أن ما نقوم به هو ما يضمن للأردن مكانة متميزة بين الأمم.
لم نكن في الوفد الرسمي الحكومي لكننا قلنا من على المنصة بجنيف وبأعلى صوتنا "بأن الأردن مختلف، يتمتع بهامش ديمقراطي، ننتقده ونعود سالمين مطمئنين دون أن نتعرض لأي مضايقة أو ملاحقة".
قلنا " الأردن وطن لا يُقتل به مواطن أو معارض أو ناشط حقوقي، ولا يُخطف، ولا يختفي قسرياً".
لم يطلب منا أحد أن نقدم هذه الشهادة، كما لم يمنعنا أحد أن نسرد التحديات التي تواجه حقوق الإنسان في بلادنا، وهو ما نراه أنجع وسيلة وأفضل طريقة لتقديم الأردن، فالإنكار والتجاهل للمشكلات لا يحلها، ولا يسترها، بل يعمقها ويفاقم الأمور سوءاً، ولمشاركتنا بجنيف حكاية أخرى سنرويها بمقالات قادمة بالتفصيل.
مستمرون هذا ما كنت أكتبه وأقوله طوال أكثر من عام، فالعمل الحقوقي ليس بيانات، وورشات تدريب، ومشاريع تُكتب للمانحين فقط، وإنما دفاع يومي عن قيم تؤمن بها، وهذا ما التزمنا به، ونواصل الدرب عليه.
مركز حماية وحرية الصحفيين اكتسب مكانة مرموقة محلياً وإقليمياً ودولياً، وبعد الأزمة ستكون أولوياته وسيركز على العمل في العالم العربي ضمن مشاريع إقليمية، وبشراكة واسعة، وسنعطي لمركز "سند لدعم الإعلام" مساحة أوسع للعمل محلياً.
كسبنا معركتنا القانونية الآن، ومن قبل كسبنا ثقة الإعلاميين والمجتمع، وما كان ذلك ممكناً لولا مساندة الكثيرين في الأردن وخارجه، ووقوفهم معنا وتضامنهم، وهذا دين في عنقي، سأرده التزاماً بالدفاع عن حقوق الإنسان، وفي مقدمتها حق هذا الوطن.
الغد