كانت تركيا هي الوارثة الشرعية لدوله الخلافة الإسلامية لمده خمسه قرون كاملة إلى آن انهزمت في الحرب العالمية الأولى , و فقدت بعض أجزائها (كرجل مريض كما كانت تسمى) لصالح الحلفاء المنتصرين عبر معاهدات واتفاقيات مثل ( سايكس بيكو ) بين بريطانيا وفرنسا ,وقام مصطفى كمال اتاتورك المجند في حزب الاتحاد والترقي و الضابط العثماني ثم الثائر الذي حرر الأناضول في صيف عام 1922 من الاحتلال البريطاني والفرنسي والإيطالي مستعينا بعلماء الدين في حشد الناس ثم بعد التحرير قام بتنحيه السلطان محمد رشاد وإلغاء السلطنة .وفي يوليو/تموز من عام 1923 وقعت حكومة مصطفى كمال معاهدة لوزان التي كرست قيادته لتركيا باعتراف دولي، فأعلن في 29 أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام ولادة الجمهورية التركية وألغى الخلافة، وأعلن رئيسا وجعل أنقرة عاصمة للدولة الجديدة بدلا من استنبول وبدأ سلسلة إجراءات استمرت بضع سنوات، غير من خلالها وجه تركيا بالكامل.و أعلنها دوله علمانية .مفروضة بقوه الجيش الذي يعتبر في تركيا حارس للعلمانية (يعني آن العلمانية مفروضة بالقوة),
هذا الجيش الذي يبدو انه لم يتخلص من ذلك الارث , بحيث اصبح الجيش جزء من المشكلة بدلا من آن يكون جزء من الحل , وهو يتدخل بين حين أخر في الحياة السياسية ,فمثلا سعى إلى إعدام رئيس الوزراء الإسلامي عدنان مند يرس في أواسط الستينات من القرن الماضي , ثم بعد ذلك شاهدنا الانقلاب الذي قام به الجنرال كنعان إيفيرين ثم بعد ذلك عزل رئيس الوزراء نجم الدين اربكان ومنعه من ترشح نفسه نهائيا وحل حزبه حزب الفضيلة الإسلامي .
و هذه الأيام يلوح قاده الجيش باستخدام القوه إذا رشح رجب طيب أرد وجان رئيس الوزراء من حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي رئيسا للجمهورية مما أدى على عدم ترشحه وترشح وزير الخارجية عبد الله غول الذي أبطلت المحكمة الدستورية عمليه انتخابه لعدم توفر النصاب رغم انه المرشح الوحيد مما اضطره إلى الانسحاب نهائيا من الترشيح .
تعاني تركيا من أزمة بحث عن الهوية , فهل هي بعد كل هذا الزمن الطويل من التنكر لتاريخها المشترك مع الشعوب التي كانت تابعه لها من العرب والمسلمين وغيرهم ,( هل أصبحت علمانية) وهل تم قبولها من المجتمع الأوروبي عضوا , علما بان محاولات تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مستمرة ومحاولة بعض دول أوروبا عرقله ذلك ورفضها كعضو دائما قائمه , وحتى بخصوص الوضع الحالي , أوروبا ترفض انضمام تركيا سواء إذا تم انتخاب رئيس إسلامي آو إذا تدخل الجيش , أي آن السبب يكون إما ديني آو عسكري. والمفارقة العجيبة عند الأحزاب التركية (حزب العدالة و التنمية يريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لأسباب سياسية واستراتيجية واقتصادية
آما الأحزاب العلمانية ترفض ذلك لأسباب قوميه),لقد أضاعت تركيا هويتها التاريخية وما زالت تبحث عن هويه, فلا هي تخلصت من الماضي ولا تم لها السيطرة العلمانية المطلقة آو حتى قبولها في الاتحاد الأوروبي , , مع آن الواقع يقول آن معظم الشعب فيها مسلم , ويرغب بالعودة إلى الإسلام ,
فعلى تركيا إذن التخلص من حكم العسكر, ورفض (الأصولية العلمانية ) وعدم احتقار الشعوب آلتي كانت تابعه لها , والعودة إلى التعامل معهم على قدم المساواة في مصالحة تاريخية , خصوصا تعزيز علاقاتها مع البلدان العربية وتقويتها , أي على تركيا الاتجاه شرقا بدلا من الاتجاه غربا ,و البحث عن علاقة ما مع الشعوب التي كانت تابعه لها وتدور في فلكها , على شكل اتحاد , آو منظمه , تسمى مثلا ,( آلامه العثمانية / الرابطة الإسلامية / رابطه الخلافة الإسلامية , إلا تحاد العربي التركي), مثل الفونكرونيه ( الفرنسية ) ومثل دول الكومنولث , (البريطانية).
ففي ذلك مصلحه كبرى لها ومصلحه كبرى أيضا للدول التي كانت تابعه لها في تاريخ وثقافة ومصالح مشتركة زادت عن آلف عام , في مواجهة عالم اليوم , الذي يتجمع على شكل محاور وأحلاف سياسية واقتصادية وعسكرية .