فيصل الفايز: أمتنا أصبحت تعيش اليوم ما يشبه مرحلة سايكس بيكو جديد
15-11-2018 03:12 PM
عمون- قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز إن هناك أسئلة كثيرة تطرح اليوم حول حال أمتنا التي أصبحت تعيش اليوم ما يشبه مرحلة سايكس بيكو جديد ، وبتنا نخشى أن يعاد تقسيم المقسم.
جاء ذلك خلال اللقاء الحواري الذي نظمته جماعة عمّان لحوارات المستقبل حول الأردن والوضع العربي الراهن مساء أمس.
وقال الفايز خلال اللقاء الذي أداره رئيس جماعة عمّان لحوارات المستقبل بلال التل "إنني لا أريد أن أكون متشائما، لكن هذه الحقيقة.. فقد بدأت أحوال الأمة العربية بالتدهور بعد حرب الخليج الأولى والثانية، ومع مجيئ ما يسمي "بالربيع العربي" الذي دمر الأمة العربية.
وأضاف " نحن هنا لا ننكر على شبابنا، الذي خرج يطالب، بالحرية، والعدالة، فهذا الأمر، جميعنا معه وندعمه، لكن للأسف، لقد تسبب " الرماد العربي " بالفوضى والدمار، للعديد من الدول العربية، وأدى إلى، انقسامات، وفوضى، وعدم استقرار أمني ومجتمعي، وساعد في انتشار قوى التطرف والإرهاب، وأصبحت بعض الدول العربية ساحة لصراعات دولية وإقليمية، ومرتعا للميليشيات المختلفة".
وتابع الفايز إن الجميع يتساءل اليوم، حول السر الذى مكن الأردن، من تجاوز التحديات، وما هو مصيره ومستقبله، في ظل هذه الفوضى من حوله، والصراعات السياسية، وهنا أقول إن الأردن ومنذ التأسيس، واجه العديد من التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية، ولم تسلم مسيرته من محاولات البعض العبث بأمنه واستقراره، لكنه على الدوام كان يتجاوزها بفضل حكمة قيادته الهاشمية وتسامحها، وإيمان الأردنيين بوطنهم، وقوة ومنعة أجهزتنا الأمنية، وقواتنا المسلحة.
وقال إنه وبالرغم من قسوة الظروف المحيطة بنا فقد استمر الأردن، قويا سياسيا وأمنيا، رغم التحديات الاقتصادية التي أثرت على حياة المواطنين المعيشية، وأدت إلى ارتفاع نسب الفقر والبطالة، وارتفاع عجز الموازنة، والدين العام، وأن التحديات الاقتصادية، في أغلبها خارجة عن إرادتنا، ومنها اللجوء السوري، وإغلاق الحدود أمام صادراتنا، وانخفاض المساعدات العربية والدولية، وانقطاع الغاز المصري، وهذه الظروف التي تزامنت مع بعضها البعض، أوجدت أوضاعا اقتصادية صعبة، وعرقلت تمكين خططنا الاقتصادية والتنموية، من تحقيق أهدافها، فما يجري في دول الإقليم، جعلنا في وضع صعب، واستمرار الظروف المحيطة بنا، سيلقي علينا، المزيد من الأعباء.
وأضاف الفايز "من هذا المنطلق، لا بد للحكومة، من وضع خطط واستراتيجيات، تعمل على مواجهة، تداعيات ما يجري حولنا، وتكرس سياسة الاعتماد على الذات، وتشجع الاستثمارات المحفزة للنمو الاقتصادي، الذي يشعر به المواطن، كما أن مواجهة أزمتنا الاقتصادية، يحتاج اليوم، إلى حالة تشاركية، وطنية جامعة، يشارك الجميع فيها، من مختلف القطاعات، الرسمية والشعبية، للبحث في الأسباب، وإيجاد الحلول العملية لها".
وتابع " ما أريد التأكيد عليه اليوم، أننا في الأردن بخير، وسنتمكن من مواجهة، الصعوبات والتحديات، وسنخرج منها، ونحن أكثر، قوة، ومنعة، وذلك بفضل حكمة، جلالة الملك عبدالله الثاني، ووعي الشعب الأردني، وبفضل إرادتنا، القوية الصلبة".
وقال " يبقى السؤال الكبير، كيف لنا الخلاص من واقعنا العربي الراهن حيث يحتاج الأمر إلى جهود صادقة، تبدأ من قناعتنا بأن حالنا العربي الراهن، إذا ما استمر على ما هو عليه، سيؤدي بالجميع إلى الهلاك، لذا على الجميع تحمل المسؤولية، والعمل على إيجاد المعالجات الحقيقية، لهذا الواقع المؤسف".
وأضاف " أرى هنا أن المعالجة الحقيقية، تبدأ من خلال، إيجاد مسار للتنمية الاقتصادية المتكاملة، بين الدول العربية، على الأقل بين الدول المستقرة، وذلك من خلال، تشكيل تكتل اقتصادي حقيقي فيما بينها، والعمل على بلورة، موقف عربي موحد، يكون له دور، في تقرير مستقبل المنطقة، وكف يد الدول الإقليمية وغيرها، عن العبث بها، والتدخل في شؤونها، موقفا يكون له القدرة، في التصدي لأي محاولات تقسيم جديده".
وتابع " لابد من إيجاد أدوات جديدة، هدفها العمل، على تعزيز الثقة بين دولنا، وقبول التعايش السلمي، ووضع استراتيجية، تتصدى للخطاب الطائفي، والمذهبي، وتعزز قيم الانتماء، الوطني والعروبي، تؤمن بالدولة المدنية، وقبول الرأي والرأي الآخر، وعلينا أيضا إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية واعتبارها قضية العرب الأولى، وأن حلها بشكل عادل، ووفق قرارات الشرعية الدولية، وعلى أساس حل الدولتين، سيسهم في إنهاء صراعات المنطقة، ويمكن من القضاء على القوى الإرهابية".
وتساءل الفايز لمصلحة من يقوم البعض، بالاستقواء على الوطن، والإساءة لمؤسساتنا، ولماذا يسعى البعض، إلى بث خطاب الكراهية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهدم كل منجز وطني، والتشكيك بكل موقف لبلدنا، وذلك في هذه الظروف، التي تمر بها أمتنا، وفي ظل المخاطر والتحديات التي تواجهنا.
وجرى خلال اللقاء حوار موسع حول مختلف القضايا الراهنة والتحديات التي تواجه الأردن، وفي هذا الإطار بين رئيس مجلس الأعيان، إن الأزمات التي يمر بها الأردن هي أزمات تاريخية وليست جديدة عليه، وذلك منذ تأسيس الدولة الأردنية لكنه على الدوام يتجاوزها ويحول تحدياته إلى فرص للبناء والتقدم، لذلك ورغم الظروف الصعبة التي نمر بها إلا أنني متفائل بمستقبل الأردن، وتمكنه من تجاوز التحديات الحالية.
وقال إننا وفي هذه الظروف الراهنة نحتاج إلى تشاركية حقيقية بين الجميع، وخطط استراتيجية تكون واقعية وقابلة للتنفيذ، لنتمكن من تجاوز التحديات الاقتصادية وإيجاد فرص عمل للشباب مؤكدا أن الحكومة الحالية لديها أعباء وملفات كبير تعمل عليها ويجب أن تنهيها.
ودعا إلى إعادة النظر بالمنظومة التعليمية وهذا يتطلب إعادة الاعتبار لدور المعلم وتمكينه معيشيا وماليا وبذات الوقت تأهيله وتدريبه لتمكينه من بناء جيل المستقبل، كما يتطلب ضرورة إعادة النظر بالمناهج المدرسية من خلال الابتعاد عن التلقين والتركيز على جانب التفكير الإبداعي واستخدام أنظمة التكنولوجيا، وتعزير التربية الوطنية لدى الطلبة.
وأكد أهمية أن تعمل الدولة على ضبط الانفلات الموجود حاليا في مواقع التواصل الاجتماعي، داعيا الأغلبية الصامتة إلى التصدي لخطاب الكراهية ولكافة محاولات العبث بأمننا واستقرارنا، والتصدي للقلة التي تسعى إلى تشويه مؤسسات الدولة وتمزيق والعبث بنسيجنا الاجتماعي.
ودعا الفايز إلى إيلاء الإعلام الرسمي العناية والدعم لتمكينه الرد على خطاب الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبنفس الأدوات والوسائل.
وقال إنه يتوجب على الدولة تطبيق القانون على الجميع مشيرا إلى أن "هناك شعورا عند البعض بأن القانون يطبق على فئة دون أخرى وهو أمر يعكس شعور الإحباط لدى الناس فيجب إزالته".
ودعا الفايز إلى ثورة بيضاء تقضي على الترهل الإداري والبيروقراطية في مؤسسات القطاع العام، إضافة إلى معالجة كافة المعيقات التي تواجه المستثمرين، وخلق بيئة استثمارية حقيقية تكون جاذبة للاستثمارات.
وأشاد بالدور الكبير الذي تقوم به جماعة عمان لحوارات المستقبل تجاه مختلف قضايا الوطن من خلال تسليط الضوء عليها وبحثها والمساهمة في إيجاد الحلول لها.