''بلاقيك بالحلة''..تحذير شديد اللهجة كنا نتلقاه عندما نتلاسن مع ابناء الصف...فحلّة المدرسة..أفضل توقيت لتصفية الحسابات المبيتة..
ذات طفولة..كنّا نتورّط مرغمين في ''هوشات'' غير محسوبة لم نجد مفرّاً من خوضها، وأحياناً كثيرة كان يقوم أحد ''العضلنجية'' بمحاولة تمرين روتينية لعضلاته على حساب وجوهنا''المصفوقة'' ، فــكان ''يجهد بلانا'' ويجرّنا الى شجار محسوم النتيجة سلفاً..
الخبرة وحدها والهزائم المتكررة علمتنا انه لا بد من الاحتفاظ بمصطلحات المهادنة او فض النزاع سلمياً دون إشعار الآخر بضعفنا أو خوفنا أو عدم قدرتنا على ''المباطحة''..
''إشّر بشّر'' مصطلح تمهيدي لفض النزاع ، على شكل تحذير كان يطلقه الخصمان وهما في وضعية اشتباك ومسك من ''القبّة'' قبل اطلاق أي حركة فعلية للهوش.. وأصل هذا التحذير ''إشّر بشّر'' هو :دشّر بدشّر..بمعنى آخر ان تتركني اتركَّ!!..ثم يتبادل الخصمان هذه العبارة بالتناوب لحسم من الذي يترك ''رقبة الآخر'' أولاً..لمدّة قد تزيد او تنقص عن الساعة بقليل..
''اشّر بشّر''.. ''لا أنت إشر..أنا بشّر''..''بقلّك إشر بشّر''..''لأ انت إشّر أول''..حتى يلين أضعفهما ويترك الآخر وهو في الواقع قد أفلت نفسه من هزيمة نكراء..بالنسبة لي كنت ''بدشّر'' من أول تحذير جاد..وأجنح للسلم فوراً..لأني بكل تواضع أقولها '' مش شغل هوش''..
النواب والصحافة..بقوا أسابيع طويلة على وضعية ''إشّر بشّر''..ولم يقبل ان يتنازل أي منهم ''بترك الآخر''،على كل الأحوال تمت المصالحة وتم ترتيب ياقات القمصان وقطب الأزرار المقطّعة مؤقتاً...وهذا لا يعني أنهما لن يلتقيا في'' الحلّة'' بوقت لاحق، فكل شيء جائز..
لا يهمني من هذه المصالحة، توقيتها او مكانها، او الساعين فيها، او بنودها..يهمني شيء واحد فقط (طبعاً اذا نشر هذا المقال)...أن تحفظ المصالحة حقنا في رفض الخطأ،ومقاومة العوج، والاشارة الى الخلل اينما وجد..وان نبقى نحن كما نحن، لا نجامل ولا نهادن، ولا نداهن، وان :''نقول للأعور..اعور بعينه''