"مستقبل خدمات التوصيل في ظل التجارة الإلكترونية في الأردن"
راية عبد الحميد الرواشدة
14-11-2018 09:59 PM
بداية يعتبر قطاع البريد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الهامة عالمياً فهو قطاع يقرب المسافات ويسهل الاتصالات خاصة بعد ظهور التجارة الإلكترونية التي عملت على إزالة الحواجز والنتيجة أن قطاع البريد أصبح قطاع حيوي هام على نطاق عالمي واسع و لا يمكن الاستغناء عنه ، اذ أصبحت عمليات نقل الطرود البريدية محلياً وعالمياً عملية أساسية وداعمة للتجارة إلكترونية .
وعند الحديث عن مستقبل أي خدمة في ظل التجارة الإلكترونية فمن البديهي ان تكون النتيجة هي خدمات ذكية رقمية إلكترونية تماماً كخدمات التوصيل التي تقدم الآن عالمياً كخدمة التوصيل Prime-Air "بطائرة بدون طيار" والتي قد بدأت بتطبيقه شركة أمازون في ديسمبير عام 2016 في انكلترا ، اذ تتيح هذه الخدمة تسليم الطرود البريدية بطائرة دون طيار في 30 دقيقة أو أقل على أن لا يزيد وزن الطرد أكثر من 25.5 كغ وبمسافة لا تتعدى 16 كم عن مركز التسليم التابع لشركة أمازون، ستعمل هذه الخدمة على حل الكثير من المشاكل والتحديات المتعلقة بها كالتسليم بالوقت المحدد وبشكل صحيح وسرعة التوصيل .
أشير بالذكر أن العديد من الدول بدأت بالاختبارات والتجارب المتعلقه بهذه الخدمة بعضها لاقى نجاحاً وبعضها كانت تجاربهم فاشلة ، تماماً كما حصل في روسيا اذ تحطمت طائرة روسية الصنع أثناء قيامها بأول مهمه لها بتوصيل الطرود البريدية بعد أن اصطدمت بجدار في مدينة أولان اوى بسيبيريا شهر أبريل العام الحالي، وبالرغم من ذلك لاقت العديد من الدول نجاحاً في تجاربها الأولى كتجربة أستراليا عام 2016 و تجربة سويسرا التي ستستثمر في هذه الخدمة بالمجال الطبي للربط بين المستشفيات ونقل العينات المختبرية ; لا شك أن جميع الدول ستفكر عاجلاً أم آجلاً بدراسة مدى تطبيق الخدمة لديها اذ تعتبر خدمات التسليم الأخيرة Last-Mile serviceميزة تنافسية للكثير من الشركات خاصة مع الأخذ بالنواحي الاقتصادية على المدى الطويل اذ نرى بأن الخدمة صديقة للبيئة وتستخدم محرك كهربائي فبالتالي ستخفض عدد السيارات التي ستنقل الطرود البريدية على مدار الساعة خاصة مع ارتفاع البنزين ! لكن يبقى بالحسبان تكاليف راس المال للمحركات ودراسة تطبيق هذه الخدمات عالمياً.
ماذا لو تم تطبيقها في الأردن ؟ سؤال من الممكن أن يعتبره بعضنا مجرد حلم أو طموح وبعضنا سيراه تحدي يجب العمل للوصول اليه ، فهو ليس حلماً أن نرى طائرات صغيرة بدون طيار تجوب المملكة لتنقل طرود بريدية من عمان الى الكرك مثلاً خاصة بعد شراء شركة أمازون لشركة سوق.كوم في الأردن ، ولكن يجب أن يتم تطبيقها في المناطق الجغرافية المناسبة ومراعاة نوعية الطرود المنقولة والبدء بدراسة مدى تقبل واستجابة الناس للخدمة مع أخذ الاحتياطات الأمنية الأخرى.
بجانب خدمة نقل الطرود البريدية بطائرة بدون طيار أطلقت العديد من الشركات العالمية أيضاً روبوتات ذاتية القيادة تعمل على نقل الطرود البريدية وتساعد ساعي البريد بعمله، اذ أعلنت شركة علي بابا العام الحالي عن روبوت مخصص لتسليم البضائع والطرود ويساعد على شحن البضائع التي يتم شراؤها عبر الانترنت الى العملاء بشكل أكثر مرونة وأـطلقت عليه اسم Gplus يعمل بنظام الملاحة ويستخدم نظام الليزر، أما شركة ستارشيب تكنولوجيز فأطلقت روبوتات ذاتية القيادة من أجل خدمة توصيل تجاري واسع النطاق تستهدف الجامعات والشركات في أوروبا والولايات المتحدة اذ بدأت بتوصيل المواد الغذائية والأدوات المكتبية داخل حرم شركة برمجيات في كاليفورنيا !
ان التطورات التكنولوجية تحتم على الشركات مواكبتها وتطوير أعمالها لتبقى قادرة على التنافس والصمود في التغيرات التكنولوجية المتسارعة فلم تكتفي الشركات بإطلاق الطائرات الصغيرة أو الروبوتات الذكية لنقل الطرود البريدية بل جعلت خياراً مرناً آخر للعميل ليتمكن من استلام طروده على مدار ال 24 ساعة بأي مكان وفي أوقات فراغه وذلك عن طريق خزانات الطرود الإلكترونية التي تحتوي على مساحات تخزين آمنة و تعمل بنظام ادارة عن بعد مع امكانية توفير بعضها لخاصية الدفع ، ونشير الى أن شركة البريد القطرية أعلنت عن هذه الخدمة العام الماضي .
سيتطلب تطبيق هذه الخدمات أو غيرها في الأردن الاستعداد الفعلي للمراحل القادمة بدءاً بالبنية التحتية التكنولوجية كتطبيق مشروع العنونة الرقمي ببناء عنوان معياري جغرافي رقمي موحد لكل منشأة، هذا المشروع سيعمل على تسهيل أي خدمة رقمية من الممكن أن تُطبق بالانتقال من العنوان الوصفي للعنوان الرقمي باستخدام أحدث التقنيات في مجال المعلومات الجغرافية.
نشير الى أن السوق البريدي في المملكة يتكون من مشغل البريد العام وهو شركة البريد الأردني و مشغل البريد الخاص والذي يبلغ عددهم 108 مشغل، فمع ظهور التجارة الإلكترونية وزيادة الطلب على المشتريات من خلال الانترنت زادت الحاجة لخدمات التوصيل وبالتالي ارتفع عدد الشركات بشكل متسارع آخر عامين ، ومن المتوقع شركات تطبيقات النقل الذكية للسوق البريدي وذلك وفقاً لاتجهات السوق ومتطلباته .
أخيراً، تجدر الإشارة الى أن هيئة تنظيم قطاع الاتصالات هي الجهة المنظمة لقطاع البريد في المملكة استناداً لقانون الخدمات البريدية (34) لسنة 2007 ، اذ تعمل الهيئة على تشجيع المشغلين المرخصين على إدخال خدمات التجارة الإلكترونية ضمن خدماتها بجانب مراقبتها لعقد الأداء لشركة البريد الأردني " مشغل البريد العام " بالإضافة الى نشر الإحصائيات المتعلقة بالسوق البريدية في المملكة على الموقع الإلكتروني الخاص بها www.Trc.Gov.Jo.