الإستقرار السياسي في الأردن
الدكتور عارف بني حمد
14-11-2018 10:52 AM
بمناسبة الذكرى الثالثة والثمانين لميلاد الراحل الكبير باني الأردن الحديث جلالة المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال، نتذكر دور جلالته المحوري ومهاراته القيادية والكارزيمية، والتفاف الشعب الأردني حول قيادته، في صمود وبقاء الأردن في أصعب مراحل الدولة الأردنية في ظل الأزمات التي عصفت بالمنطقة (1952 -1999) ، ويواصل جلالة الملك عبدالله الثاني المسيرة للوصول بالأردن الى بر الآمان .
وبهذه المناسبة نتطرق لمفهوم الإستقرار السياسي ، الذي يعني قدرة النظام السياسي على إدارة الصراعات الداخلية في إطارالقانون ، وقدرتة على التعامل مع الأزمات التي تواجهه بنجاح، وكذلك قدرة النظام على التكيف والإستجابة للتغييرات السياسية. وفي هذا الإطار صمد الأردن ككيان سياسيي ، رغم وجوده في منطقة غير مستقرة ، لكنه لم يشهد منذ تأسيس الإمارة عام 1921م، استقرارًا سياسيًا كاملاً بما يحتويه هذا المفهوم من مؤشرات ومظاهر، وإنما إستقرار نسبي بسبب ما مرت وتمر به المنطقة من أحداث وتطورات سياسية وأمنية واجتماعية واقتصادية ، وكل ذلك حال دون وصول الاردن إلى مرحلة من الاستقرار السياسي التام، فقد عانى الاردن من كثرة الأزمات الاقليمية نتيجة الصراعات العربية – العربية ، والصراع العربي – الاسرائيلي ، والتدخلات الأجنبية في المنطقة العربية ،وأحداث الربيع العربي . فالأردن يقع بين خمس دول تفوقه من حيث القدرات البشرية والاقتصادية والعسكرية، أربع منها دول عربية هي العراق وسوريا والسعودية ومصر والخامسة هي إسرائيل ومن ثم، تقع على كاهله أعباء جسام، حيث تفوق حجم الأعباء التي يعاني منها حجمه الطبيعي، أو النفقات التي تقع على عاتقه مسؤولية الوفاء بها، أو المطالب المحلية والإقليمية والدولية التي يجب عليه تلبيتها.
ولعبت عدة عوامل داخلية وخارجية دورا في تحقيق الإستقرار السياسي الداخلي : الشرعية الدينية والتاريخية للقيادة الهاشمية وتمسك الشعب الأردني بالقيادة الهاشمية ، وجود بنية دستورية وقانونية ومؤسسات ، الإعتدال السياسي وإرتفاع درجة التكيف السياسي للنظام ، القيام بإصلاحات سياسية متدرجة منذ نشأة الدولة ، تماسك المؤسسة العسكرية والأمنية وحرفيتها ، مركزية النظام السياسي أثناء الأزمات ، حالة الإنسجام الإجتماعي ، ازدياد درجة الوعي السياسي لدى المواطنين . كما لعبت العوامل الخارجية دورا كبيرا في تحقيق الإستقرار الداخلي في الأردن ، حيث حظي الأردن منذ انشاء الإمارة بدعم أمني وسياسيي وعسكري وإقتصادي غربي (خاصة بريطانيا والولايات المتحدة)، وعربي (خاصة دول الخليج ) لما يشكله بقاء وإستقرار الأردن من أهمية لتحقيق الأمن الإقليمي .
لكن في المقابل هناك عوامل لعبت ولا تزال تلعب دورا في حالة عدم الإستقرار السياسي في الأردن في مراحل مختلفة ، أبرزها: موقع الأردن الجغرافي في منطقة صراعات ونزاعات ، إرتباط الأردن العضوي بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الفلسطيني ، وخشية الأردن من مشاريع إسرائيلية وأمريكية لحل القضية الفلسطينية على حسابه وأخرها ما يسمى صفقة القرن ، الصراعات العربية – العربية وعدم الاستقرار في الدول المجاورة خاصة العراق وسوريا والتدخلات الأجنبية ، أزمة اللجوء للأردن نتيجة أزمات المنطقة : اللجوء الفلسطيني ، اللجوء العراقي ، واللجوء السوري، وما يشكله ذلك من أعباء أمنية وإقتصادية وإجتماعية ، خطرالتطرف والإرهاب القادم من الدول المجاورة (سوريا والعراق) ، الأزمة الإقتصادية الخانقة في الأردن : عجز الموازنة ، إرتفاع الدين العام الداخلي والخارجي ،ارتفاع نسبة البطالة خاصة في صفوف خريجي الجامعات ، زيادة نسب الفقر وتراجع مستوى معيشة المواطنين ، وانتشار الفساد المالي والإداري ، إنشغال الدول العربية بمشاكلها الداخلية وتراجع التضامن العربي .
وحمى الله الأردن وقيادته وشعبه