"الإسلام دين الدولة" تعبير عن مكانة الدين وتعاليمه في المجتمع
أ.د عبدالله ابراهيم الكيلاني
13-11-2018 04:16 PM
يبحث فقهاء القانون الدستوري في مقتضى المادة الدستورية: الإسلام دين الدولة، وهل تدل على تقييد السلطة العامة بأحكام الشريعة؟ وكيف يمكن الموازنة بينها وبين المواد الآخرى
تنص غالبية دساتير الدول العربية على "أن الإسلام دين الدولة"
ومن الناحية العملية لم تكن هذه المادة فاعلة في التطبيق العملي لواقع تلك الدول.
ويقول الأستاذ عبد الحميد متولي عن هذه المادة الدستورية " وهو نص لا يترتب عليه التزام على الدولة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وما هو إلا بمثابة تحية كريمة للعقيدة الدينية التي تدين بها الأغلبية، أو هو بمثابة كفارة تقدمها الدولة لعدم التزام أحكام الشريعة في تشريعاتها " (1).
الحقيقة أنه إذا كان هذا الواقع التشريعي للدول، فإنه لا يعني أن نص المادة يجيز هذه المخالفات، والتهاون في تطبيق الشريعة، لأن تفسير المادة على أنه مجرد تحية لدين الغالبية، أو كفارة لعدم الالتزام، هو اتهام لواضع الدستور بالعبث، أو بعدم فهم (معنى دين الدولة).
والأصل حمل كلام العقلاء على الحقيقة، وأنهم يقصدون معناه، وتفسيره بحسن نية، وليس في اتهامهم بالعبث، أو عدم قصد الحقيقة حسن نية، ، وهذا ما نريد أن ننزه واضع الدستور عنه.
فالمادة كما تقتضي قواعد تفسير النصوص، تعني أن الإسلام مصدر أعلى للدولة، وأحكامه تمثل النظام العام، إذ أن تساهل التشريعات في الدولة في مخالفة أحكام الإسلام، يجعلها مخالفة للنظام العام.
يؤيد هذا شهادة رئيس المحكمة الدستورية عام 2012 الأستاذ طاهر حكمت بوصفه شاهدا للنيابة العامة في محكمة جنايات عمان في تجريم كازينو القمار عام 2012 حيث أكد طاهر حكمت، أن ترخيص كازينو البحر الميت يعتبر تجاوزا على النظام العام، يستحق العقاب بأشكال شتى وبحسب شهادة حكمت فإن النص الوارد في الدستور يقول إن الإسلام دين الدولة، لا ينظر إليه بمدلوله الديني الإيماني المحض، وإنما للتوصل إلى مكانة الدين وتعاليمه في المجتمع، معتبرا أن هذه العبارة (الإسلام دين الدولة) تتجاوز البروتوكولات إلى عقائد الناس ومدة مفهومهم لدور الدين في حياتهم، ذلك أن الدين جزء من ما يسمى بالنظام العام.
لقد كان الأردن نموذجا في تقديم فهم مستنير للدين ينفتح على تجارب الأمم في انظمة الإدارة والحكم وتحديث التشريعات فسن تشريعا مدنيا جمع بين قانون نابليون والقيم الإسلامية كما أقر مجلس الإفتاء من الانتفاع من الخبرات الطبية كطفل الإنابيب وزراعة القرنية والتلقيح الصناعي ،وبهذا النموذج الأردني المعتز بدينه المنفتح على خبرات الأمم تمكن الأردني بفضل الله تعالى ثم بحكمة قيادته من تجنيب الأردن صراعات وعثرات مرت بها دول مجاورة __________
(1) الدولة القانونية: ص 445، منير البياتي.
(2) القضاء في الإسلام: ص 61، محمد سلام مدكور - المغني ج: 589 لابن قدامة - بداية المجتهد ج2: ص 514، ابن رشد.
(3) نظام الحكم: ج2: ص 172، القاسمي.
(4) انظر الدستور الأردني م: 2، الدستور الجزائري: م:2، والدستور العراقي م 4، المغربي: فصل 6.