أثبتت الأزمات، التي واجهناها، خلال السنين الأخيرة، ان إمكانات الدولة لمواجهتها، ضعيفة، برغم انها أزمات بسيطة، او متوسطة، فما بالنا لو حدثت أزمات اكبر، لاسمح الله، في أي ظرف قد يستجد، وفي أي توقيت، وهذا امر وارد، حيثما ولينا وجوهنا.
من سقوط الثلوج المتواصل، واغلاق الطرقات، مرورا بخدمات الدفاع المدني والاسعاف، وصولا الى ما شهدناه خلال السيول الأخيرة، وغير ذلك من حوادث، كان لافتا ان الإمكانات المتاحة بين يدي الأجهزة المتخصصة في هذه الظروف، إمكانات محدودة للغاية، وبالكاد تكفي في ظرف عادي.
هذا ما يمكن اثباته بوسائل مختلفة، إضافة الى قلة عدد الكوادر المتخصصة، وحاجة هذه المؤسسات الى زيادة عدد كوادرها، ورفع تدريبهم، ومنحهم ما يستحقونه من حقوق، فهم يستحقون الكثير.
هذا ليس انتقاصا لهذه المؤسسات او لمن يعمل فيها، لكننا نتحدث عن ان الإمكانات الفنية المتاحة والمتوفرة، قليلة جدا، وبإمكان رئيس الوزراء وحكومته، ان يطلبوا من أجهزة الامن العام، والدرك، ووزارة الصحة، والدفاع المدني، وغير ذلك من مؤسسات ان يتقدموا بدراسات حول النواقص التي لديهم، ومستوى التجهيزات المتوفرة، وعمرها، ومدى صلاحيتها، لازمات اكبر، إضافة الى دراسات لتقييم كل هذه الإمكانات الفنية، وقدرتها على مواجهة ظروف أسوأ، مثل حرائق ممتدة، او حوادث تسمم واسعة، او أي زلزال، لا سمح الله، او فيضانات كبرى، او أي ظرف مستجد.
كل المعدات الفنية، قديمة، وبحاجة الى تحديث، من ا لاطفائية مرورا بسيارة الإسعاف، وصولا الى التجهيزات التي بيد افراد هذه الأجهزة والمؤسسات، وقد رأينا المصاعب التي تعرض لها كثيرون من العاملين في هذه المؤسسات خلال البحث في الظلام، او وسط الطين، او خلال محاولات الوصول الى مواقع صعبة.
كنا نرى بصراحة ان الوجدان الأردني الطيب والشجاع يطغى على المشهد، من حيث تأدية الواجب، فوق الشهامة والفزعة، التي تتسم بها الشخصية الأردنية، لكنها كلها سمات إنسانية راقية، لا تكفي عند مواجهة ظروف صعبة، او ظروف اكبر مما رأيناه.
هذا يعني ان على الدولة ان تخرج باستخلاصات اهم من معالجات الظرف الذي واجهناه، عبر السؤال المتعلق بما قد نراه في ظروف أسوأ، وهل امكاناتنا الفنية والبشرية، كافية، وليبحثوا عن منحة عربية او عالمية، من اجل نظام إدارة الازمات، نظام جديد، بإمكانات جديدة، بدلا من هذا الحال الذي نواجهه، وقد نواجهه لاحقا.
هذا ما يتوجب على كل الجهات الوقوف عنده، بدلا من المشاهد المؤسفة التي رأيناها أحيانا من البحث عن الضحايا، باضاءة الموبايلات، او بكشافات يدوية، بدلا من نوعيات اكثر تطورا، وبدلا من التجهيزات التي باتت قديمة، والتي رأيناها مع الذين يحاولون انقاذ الضحايا.
ملف إدارة الازمات، ملف معقد، ولا يمكن الا ان نسأل الحكومة وكل الجهات، عن التقييمات الحقيقية، لكل الإمكانات التي لدينا، ومتى كانت آخر التحديثات على مستوى هذه الإمكانات، ومدى كفايتها أساسا، مقارنة بمساحة الأردن، وعدد السكان، ونوعية الازمات التي قد تطرأ، لا سمح الله.
عواطفنا الجياشة تجاه الضحايا، ثم عواطفنا تجاه من عملوا ببطولة وشجاعة، من منتسبي كل هذه المؤسسات يجب ان لاتخفي ما هو اخطر واستراتيجي...هل نحن جاهزون لازمات اكبر؟!.
والسؤال مفرود لمن يعرف الإجابة؟!.
الدستور