د. محمود السمرة .. رجل الفكر والثقافة والأدب
د.عدنان الطوباسي
11-11-2018 10:47 PM
كانت مجلة العربي الكنز الثقافي الكويتي الذي يمد الناس في كل زمان ومكان بالفكر المنير ومتعة القراءة ، وكنت من صغري احرص على اقتنائها واستمتع بما يكتبه فيها أستاذ الجيل الدكتور محمود السمره في حديث الشهر ، وعندما دخلت الجامعة الأردنية موظفاً مطلع الثمانينات من القرن الماضي كانت كلية الآداب تزهو بكوكبة من العلماء الاجلاء ينيرون دروب الباحثين عن العلم والمعرفة بفكر ثاقب وحس مرهف وأدب جم ، وكان من بين هؤلاء الاجلاء المفكر والأديب الأستاذ الدكتور محمود السمره ، وتعرفت على الرجل الإنسان أكثر عندما كان نائباً لرئيس الجامعة الأردنية يوم كان رئيسها دولة الأستاذ الدكتور عبد السلام المجالي ، حيث وضعت قوانين وتعليمات للجامعة ما زالت الجامعات الأردنية تعتمدها حتى الآن ...
واقتربت من الأستاذ الدكتور محمود السمره أكثر وأكثر عندما أصبح رئيساً للجامعة الأردنية حيث كنت أعمل في قسم الإعلام والمطبوعات في دائرة العلاقات العامة والثقافية ، وكنت أجد فيه محباً للثقافة داعماً لها ، وذات يوم طلبت منه إقامة مسابقة ثقافية تشرف عليها مجلة أنباء الجامعة وكنت سكرتيراً للتحرير فيها فوافق فوراً وأن تكون المسابقة بشكل سنوي في العديد من المجالات الأدبية للطلبة والعاملين وتخصص لها جوائز قيمة ... كان الدكتور السمره ينظر إلى الجامعات على أنها أماكن علم ومعرفة وبناء للإنسان .. وكان دائماً يقول : أن الجامعات ليست مكاناً لصنع الشهادات فقط وإنما لصقل الشخصية وتنمية القيم والاتجاهات والمواهب والهوايات .
أدين بالفضل الكبير لأستاذي أبو الرائد بأنه أول من فتح لي الطريق لإكمال دراستي العليا بعد أن ضاقت عليّ الطرق .. واغلقت الأبواب .. وعندما جمعت مقالاتي المبعثرة لإصدارها في كتاب بعنوان " شواطئ بلا أمواج " ذهبت إليه وكان وزير للثقافة وطلبت منه أن يكتب تقديماً له ، فقال لي : أنني مقل في كتابة المقدمات ولك سأكتب ولكن عليك أن تنتظر طويلاً لأنني سأقرأ بعناية ما كتبت ، فقلت له سأنتظر حتى تناديني ... وكان التقديم الذي زين فيه تلك الخواطر والمقالات بكلمات رائعة اعتز بها دوماً ..
محمود السمره ... الأستاذ الدكتور والأديب والمفكر والإنسان والوزير والمعلم والباحث اثريت الثقافة والجامعات بأدبك وعلمك وكتبك وأبحاثك وثقافتك وما أرسيت من قواعد وقوانين وتعليمات ستبقى تذكرك ما دامت الحياة ..
رحمك الله يا أبا الرائد وأسكنك في العليين من جنانه والسلام عليك في الخالدين ...