الحرب النيابية الصحافية تضع أوزارها؟!
جميل النمري
04-07-2009 06:00 AM
لا معنى لاندلاع هذه الحرب بين السلطة التشريعية والصحافة (السلطة الرابعة)، فالأصل انهما صوت الناس وعينهم الساهرة؛ يتكاملان ويخدمان بعضهما في الرقابة والمساءلة والنقد والتعبير الحر.
سلسلة من الأفعال وردود الأفعال الخاطئة من الجانبين أفرزت وضعا غريبا وشاذا يضرّ بكليهما وبالبلد. والأكثر شذوذا أن يتلبس الخلاف والقطيعة المؤسستين بصفتهما تلك فتصدر المواقف وتطلق الصفات على الطرف الآخر من دون النظر الى حقيقة أن الناس في المؤسستين ليسوا شيئا واحدا وما يصدر عن الوسطين لا يمثل الجميع.
لم يصوت جميع النواب لصالح تثبيت ضريبة الـ5% على الاعلانات, وإعلان نقابةالصحفيين مقاطعة مجلس النواب لم يكن صائبا بالنسبة لكثير من الصحافيين, وتمّ التراجع عنه على كل حال بعد يوم واحد، أمّا القرار الأخير للمكتب الدائم بالتقييد المهين لحركة الصحافيين في مجلس النواب فأظنّ أنه لم يعجب أغلب النواب؛ إذ يفرض عليهم أيضا وصاية لا يمكن قبولها، وقد سمعت من نواب ردّة فعل غاضبة ومستنكرة لهذا القرار.
كان هناك ضيق وعدم ارتياح في معظم الوسط النيابي من الخصام مع الصحافة وعبّرت عن ذلك مذكرة من 48 نائبا تطالب بطيّ هذه الصفحة، وسمعت من النائب أحمد الصفدي قبل ايام موقفا، لم استغرب في ضوئه أن يبادر بديناميكيته المعهودة مع زملائه النواب خليل عطيّة وجعفر العبداللات ومساعدي رئيس المجلس نصّار القيسي وعبدالحميد ذنيبات الى زيارة مقر نقابة الصحفيين ولقاء مجلس النقابة تمهيدا للقاء المصالحة هذا الصباح في مجلس النواب. على أن المصالحة بمفهوم "تبويس اللحى وعفا الله عمّا مضى" ليست هي الشيء المطلوب، نريد للمصالحة أن تضع النقاط على الحروف وتقرّ حقائق يجب أن تكون مفهومة ومقبولة من الجانبين؛ فأولا يجب احترام الحراك الحرّ على المساحة المتداخلة والمتبادلة بين العمل النيابي والإعلامي, فهذه هي الديمقراطية، ولا أحد بالأساس يستطيع أن يفرض سلوكا أو خطابا بعينه داخل وسطه الخاص ناهيك عن فرضه على الوسط الآخر, واذا كان من مشكلة للنواب مع الإعلام فهي نفس مشكلة أي وسط آخر، والإعلام قد ينصف وقد يظلم اشخاصا أو مؤسسات لكن في النهاية لا يصحّ الا الصحيح والأمور الجيدة تتحدث عن نفسها.
انما ما يجب بحثه والتفاهم عليه هو التسهيلات المتعلقة بتغطية الإعلام لمجلس النواب فالوضع لوجستيا رديء للغاية وشاهدت في برلمانات غربية اضافة الى المكان الخاص بالتسهيلات الاعلامية من أجهزة كومبيوتر وفاكسات، أن "الكافتيريا" أو المقهى هي مكان فسيح يتوسط المبنى ويمثل المساحة المشتركة التي يتواجد بها الصحافيون والنواب والوزراء والمسؤولون الذين يخرجون الى هناك من القاعة الرئيسية والقاعات الفرعية حيث الفرصة "على الحارك" لتبادل الأسئلة والتعليقات. وعموما فإن اية ترتيبات أخرى يجب أن تنطلق من تفكير عصري ينشد المزيد من اليسر والشفافية أولا. ويستحسن ونحن بصدد "المصالحة" أن تكون الترتيبات محل تنسيق واتفاق بين الجانبين.
jamil.nimri@alghad.jo