غياب السلوك السياسي .. وأختفاء رجل الدولة!
النائب الاسبق م.سليم البطاينة
10-11-2018 03:21 PM
سؤال من هو السياسي ومن هو رجل الدولة ؟؟؟ فالإجابة هنا تتفاوت بين المصطلحين !!! فهل هما من يشغلون منصباً سياسياً ويضعون السياسات ؟ فمصطلح رجل الدولة يبقى مُلتبساً !!! فليس كل من اشتغل بالسياسة رجل دولة ، وليس كل من تقلد موقعاً كان تشريعياً أو تنفيذيا رجل دولة !؟ علماً بانه في الوقت الذي يكثُر فيه رجال الدولة نستطيع تفادي أكثر الأزمات التي تعصُف بِنَا !!!! فظاهرة الخلط بين السياسي ورجل الدولة كبيرة جداً!!! فالدول التي تغيب عنها الديموقراطية يكون رئيس الدولة والمقربين منه هم السياسيون ؟ لأنهم يشغلون المناصب السياسية ويضعون السياسات !!! وفِي تلك الحالة يجب عليهم أن يرتقوا فوق المصالح الضيقة ، وان يكون لديهم رؤية واسعة الأفق بعيدة المدى لمصالح البلاد !!! علماً بأن الصفات السياسية للبعض بالأردن ليست بذلك السوء ، وليست هي المقياس والمسطرة !!! والأمل أن يبدأ السياسيون بالأردن برحلة التحول إلى رجال دولة !! فصناعة رجال الدولة هي الصناعة الاولى ، لكنها لا تتم الا بفتح المجال العام لصقل المهارات وبناء القُدرات
فرجل الدولة هو من يملك مهارات التوازن وإدارة العلاقات السياسية بشكل آمن !!! وهو من يحفظ الأمن والاستقرار دون ان يضحي بالحرية ، ويملك من الحنكة ما يؤهله لإدارة دفة الأمور في الداخل والخارج!!!! وبذلك يجعل من الدولة مرجعية للسلوك ، بحيث يرى الناس فيها أنتماء وفضيلة !!! بعكس السياسي الذي يُمارس السياسة بطريقة الربح والخسارة ، وبخطوات غير مُتزنة ؟؟ فعقلية رجل الدولة استراتيجية ، بينما عقلية السياسي تكتيكية !!! فخلال السنين السابقة إبتلى الله الأردن بسياسيين معظمهم كان مغامراً ؟؟؟ فلم يتورعوا عن التفريط بالثوابت من أجل مكاسب آنية !!! فجميع السياسيين يعلمون بوضوح أن رأسمالهم في البقاء هو الخوف !!! فالاردن الان بحاجة إلى رجال دولة ينذرون أنفسهم لخدمة البلاد ، فرجل الدولة لا يتنصل من قراراته ، بل يتحمل مسوؤليتها ، ولا يسلكُ طرقاً معوجة
فالفيلسوف الأغريقي ( أفلاطون ) عرف رجل الدولة أنه هو من يملك مع معرفة تؤهله للحكم ولإدارة القوة السياسية بشكل يحقق العدالة !!!! وأنه يعمل لغيره لا لنفسه !!!!! رغم أن الدول في ذلك الزمن لم تكن أكثر من مجموعة من المدن الصغيرة !!!!!!!!! فمع بداية القرن السابع عشر بدأ مجموعة من الرجال في أوروبا في إعادة وعي رجال الدين ورجال المال والنُخب بصفة خاصة حتى يكونوا رجال دولة !!!!! ولعل الكاردينال الفرنسي Armanand Jean Plessis والمعروف بالكاردينال ( ريشيليو Richelieu ) يُمثل نموذجاً متقدماً لفكرة رجل الدولة ، مع العلم أنه رجل دين كاثوليكي ، الا انه تولى وزارة الخارجية الفرنسية عام ١٦١٦ ميلادي ، ثم أصبح رئيساً للوزراء عام ١٦٢٤ ميلادي ، فخلال ولايته جعل من فرنسا دولة مركزية ، وحد من سلطة الأعيان ومُلاك الأراضي !!!! فبرغم كاثوليكيته فقد دعم البروستانت المخالفين له في العقيدة حتى تقوى شوكتهم ليضعفوا الإمبراطورية النمساوية أحد خصوم فرنسا في ذلك الوقت !!!!! وقد أعتبر نموذجاً لرجل الدولة لأنه فكر بالدولة أكثر ما يفكر بالدين !!!
والكاتب الأمريكي جيمس فريمان James Freeman ١٨١٠ _ ١٨٨٨ وصف السياسي بأنه هو الذي يُفكر بالمكاسب !!!! بينما رجل الدولة يُفكر في الأجيال القادمة !! فصفات السياسي برأيه لا علاقة لها بالمستقبل ، وإنما تُركز على الحاضر وكيفية أرضاء غرائز الناس ؟؟؟؟ والرئيس الفرنسي رينيه كوتي Reńe Coty ( ١٨٨٢ - ١٩٦٢ ) سُئل عن الفرق بين السياسي ورجل الدولة ، فقال أن الفرق بسيط جداً ، فرجل الدولة يريد أن يعمل شيئاً من أجل بلاده ، والرجل السياسي يريد من بلاده أن تفعل شيئاً من أجله !!!!! والسفير اللبناني المشهور فؤاد الترك ، قال أن رجل الدولة يعمل على أنه مُلك الدولة ، ورجل السياسة يعمل على أن الدولة مُلك له ولرجاله ومصالحه الشخصية !!!!!!!