البورصات العالمية من جديد
عصام قضماني
02-07-2009 06:02 AM
السعيد من اتعظ بغيره، هذا مثل على أن العظة لم تزل مفهوما مغيبا عن أذهان عدد لا بأس به من المواطنين، الذين يرغبون طوعا في تكرار الوقوع في مصايد المحتالين. فقضايا البورصات الأخيرة ليست الأولى وأخشى أن لا تكون الأخيرة.
توزيع المال على الأبواب، وتأكيدات رئيس الوزراء نادر الذهبي واضحة في هذا الخصوص، ومن دون أن يتحمل المتعاملين الذين أخذوا على عاتقهم المغامرة ومخاطرها أية مصاريف ودون أن ينقص من أموالهم شيئا . كان أسهل الحلول بالنسبة للحكومة اعتبار قضايا البورصات، مجرد خسائر استثمارية، لمواطنين فضلوا حرق مدخراتهم بأيدي مغامرين بدلا من اطعامها للنيران، وهي في حقيقة الأمر كذلك، فالحكومة لا يمكن أن تكون مسؤولة عن القررارات الاستثمارية لمواطنيها في سياق حرية اقتصادية تكفل حق الاستثمار ضمن القوانين المرعية، وطالما كان التحذير مدويا من نصابين محتملين والوقوع في شباكهم يحتم على المتضررين اللجوء الى القضاء، لتحصيل حقوقهم عبر المحاكم النظامية باعتبار أنها قضايا حقوقية، لكن الحكومة اعتبرت الأموال الضائعة في هذه القضايا أموالا عامة، فتدخلت لاستعادتها واعادتها للمتضررين ولجأت الى محكمة أمن الدولة والى قانون الجرائم الاقتصادية لضمان السرعة في اتخاذ اجراءات الحجز على أموال وموجودات الشركات وتحصيل الحقوق . الميزة الأهم من وراء احالة القضايا الى أمن الدولة هي تجميعها في ملف واحد وبالتالي التحرك لمصلحة مجموعة كبيرة من المتضررين، في آن معا.
رئيس الوزراء عاد وطمأن المتعاملين المغامرين بأن الحكومة التي تبرعت لتحصيل حقوقهم ملتزمة باعادتها لهم وفق البرنامج المعلن، لكن ما هو أهم هي الخطوة اللاحقة لذلك، فالأموال التي ستعاد ينبغي لها أن تجد نوافذ مناسبة لاستثمارها، وهي كثيرة ومع أن عوائدها أقل من النسب المجنونة التي كان يطلقها بعض وسطاء شركات البورصات، لكن مخاطرها أقل .