عندما يخرج الرؤساء السابقون عن صمتهم
د. فهد الفانك
02-07-2009 04:43 AM
رؤساء الوزارات السابقون، وخاصة أولئك الذين شكلوا الوزارة في السنوات العشر الأخيرة، خرجوا فجأة على الرأي العام يلقون المحاضرات ويعقدون الندوات الفكرية، ويجرون المقابلات الصحفية المطولة، فما الذي حدث؟.
كان المعتاد أن رئيس الوزراء الذي تنتهي ولايته يذهب إلى بيته، ويلوذ بالصمت بانتظار فرصة استدعائه مرة ثانية، لاعتقـاده بأن الكلام والانتقاد يقلل، وربما يلغي، تلك الفرصة للعودة.
يعتقد بعض المراقبين أن الهدف من التغيير المفاجئ في سلوك نادي الرؤساء هذه الأيام هو لفت النظر والتذكير بالوجود لعل فرصة العودة إلى الدوار الرابع تتحسن، وخاصة في الوقت الذي يجري فيه حديث (تمنيات) بالتغيير الوزاري والحل النيابي. نعتقد أن تفسير ما حدث يختلف تماماً، وأن رؤساء الوزارات السابقين خرجوا عن صمتهم وبدأوا بمخاطبة الرأي العام عندما يئسوا من العودة، وتوصلوا إلى نتيجة مفادها أن جلالة الملك عبد الله لا يعيد تدوير المسؤولين، بل يفضل إعطاء الفرصة لدم جديد. وهي حقيقة أدركها رؤساء وزارات أكثر أقدمية وخبرة عندما اختاروا التحول إلى ميدان الأعمال في القطاع الخاص.
لا بد في هذا المجال من الترحيب بالظاهرة الجديدة، كظاهرة صحية، فلا يجوز للمسؤول، صاحب التجربة العملية العميقة، أن يصمت ولا يدلي بدلوه تجاه القضايا الراهنة، فالخبرة التي اكتسبها عندما تحمل المسؤولية تسمح له بإبداء آراء متوازنة ومعتدلة، لأنه يعرف أكثر من غيره ما هي الضغوط التي يتعرض لها المسؤول والصعوبات والعوائق التي تقف في وجه التغيير، ويميز بين الأهداف العملية والمواقف المسؤولة من جهة وبين التمنيات والمواقف المتطرفة من جهة أخرى.
في وقت من الأوقات شكل رؤساء الوزارات السابقون نادياً يجمعهم على مائدة أحدهم بالتناوب مرة كل أسبوع للتحاور حول القضايا الراهنة، وتبادل الرأي في المواقف والسياسات الجارية، وهي جلسات نتمنى لو أنها كانت مسجلة لإطلاع العموم.
في المرحلة الأولى نجد أن الجزء الأكبر من المقابلات التي أجراها الرؤساء السابقون تمثل دفاعاً عن قراراتهم وسياساتهم ورداً على منتقديهم، وهذا حقهم في تصحيح السجل، حيث سيعتبر السكوت اعترافاً.
السؤال الآن ما إذا كانت هذه الظاهرة الإيجابية سوف تستمر، وتنتقل من مرحلة الدفاع عن النفس وتحليل الماضي إلى مرحلة جديدة من تقديم الاجتهادات حول المستقبل.