تقرير اللجنة النيابية .. واجتزاء المساءلة!
د.طلال طلب الشرفات
06-11-2018 03:46 PM
لم اكن من المعجبين بأداء وزير التربية والتعليم ربما لأسباب غير موضوعية تتعلق بحالة الوجوم التي تعتري محياه وطبيعته الجادة رغم منظومة القيم الرفيعة التي ترافق سلوكه الشخصي والوظيفي وعناده الاخلاقي الذي يماثل عناد الرئيس في قراراته المتعلقة بالمال العام والحريات العامة، ولم اكن راغباً بوجوده في وزارة التربية تحديداً لأن ديناميكية القرار التربوي تراجع الى حدٍ كبير منذ مغادرة الرزاز الوزارة عند تشكيل الحكومة ،وكنت اتسائل دائماً كذلك عن سبب استمرار وزيرة السياحة في اشغال موقعها طيلة هذا الوقت، ولم اتابع اداءها بامانة، وربما لأني لست مكترثاً بهذا القطاع بحكم موروثي الأجتماعي.
ولأني من اكثر المؤمنين بالمسؤولية السياسية للحكومات، فأن اكثر ما استفزني واثار حنقي محاولات اجتزاء المسؤولية وتحميلها للطرف الأقل ضجيجاً، او ممن لا يؤمنون بالأحتماء في احضان عشائرهم ومناطقهم، ويخلقون صراخاً يحمل مضامين المزاودة على الدوله لأشغالهم الموقع العام، ورغم قناعتي بأن وزير التربية والتعليم يتحمل جزء من المسؤولية السياسية دون وزير التنمية السياسية كما جاء في تقرير اللجنة النيابية، فأن حدود المسؤولية السياسية – كما اراها - تشمل وزراء آخرين وبدرجة اشدّ لا يقل عددهم عن ثلاثة على الأقل.
واذا كنت اتفق مع تقرير اللجنة النيابية بعدم قيام المسؤولية الجزائية للوزراء المقالين، فإن ذلك هو واقع الأمر، وليس منة يمّن بها مجلس النواب على الحكومة، ولا فضلاً يٌطوق به عنق الرئيس والوزراء الذين ذهبوا ضحية للأستقواء المرحلي واعادة رسم قواعد الأشتباك مع الحكومة، ورغم تفهمي لموقف الرئيس الا انني تمنيت ان يذهب الى ابعد من ذلك وتطهير فريقه من عوامل الضعف والمغالاة والخذلان والتي بات يشخصها بصمت واناة وروية .
تقرير اللجنة النيابية لم بحدد لنا حدود المسؤولية السياسية للوزراء بخصوص المواطنين من غير الطلبة الذين قضوا بسيول البحر الميت، ولا مخاطر ارتباك الخطاب الأعلامي وتضارب الآراء حول الروايات الرسمية، ولا كذلك بخصوص اخطاء اخرى تجاوزت حدود المسؤولية السياسية الى ما هو اكثر من ذلك، وكلها مسائل كنت اتمنى على دولة الرئيس ان يحاكمها بروح القاضي لا بعقل السياسي الذي ينحني للعاصفة السياسية وحسب .
لا اتفق مع تقرير اللجنة النيابية في تحميل وزير السياحة اي مسؤولية سياسية، واستجابة الرئيس لتلك المحاكاة السياسية غير المعلنة او الخفية قد تكون صفقة سياسية معقولة ولكنها بالقطع – في رأيي - ليست عادلة، ومن غير الممكن ان تكون كذلك، وفي ضوء قرار اللجنة النيابية واستقالة الوزراء وقبول استقالتهم لا ادري ماذا بقي للجنة المحايدة التي شكلها دولة الرئيس، وما الذي يمكن ان تفعله باكثر مما كان .
اللجنة النيابية انجزت تقريراً معقول ولكنه غير كافٍ للتعبير من مفهوم الانصاف لدينا ، ولا يرتقي الى مفهوم العدالة الناجزة التي ننشدها في وطننا الحبيب.