هي أجواء الشتاء تغازلنا وترسل بصماتها المطرية والثلجية ورياحها القوية وغيومها المحملة بخير السماء، تبشرنا تاره وتذكرنا تارة أخرى، ها هي رائحة الخبز تفوح من فوق المواقد لتشعرنا بدفيء الاجواء ورائحة الكستناء، هاهي الجمعات التي نلتف بها حول بعضنا البعض، لنترنم على اصوات زخات المطر وهي تطرق الابواب والشبابيك، ونرى المزاريب تدقُ جوانبها بقنوات المياة، لعلها الاشجار ترقص مستبشرة والطيور تستحم في اعشاشها، كم هو جميل ان تركض تحت عطايا السماء لتبلل جسدك وتغسله من براكن عاثت بداخلك فسادا اياما وشهور، كم هو جميل ان يبتل معطفك ويصل البلل الى اعضاء جسدك لتشعر بقشعريره تعيد لك ذكريات جميلة وتجدد لك العهد معها، سيول من الامطار تطهر شوارع وطني وتغسل هموم بلدي وتقلب ذرات التراب لترطب اعماقه التي كادت ان تجف من تصرفات من يقفون فوقها.
فلعلها تطهر الارض ومن خُلقوا منها، كم أنتِ جميلة يا غيوم الشتاء، فصلٌ يرمز لتغير الحياة في مرحلة حياة كل واحد منا تذكرنا بأننا نأخذ ولكن علينا بالعطاء، فالحياة بدون أخذ وعطاء لا تتزن، يُذكرنا تقليب الامطار لذرات التراب لتقلب مراحل حياتنا بين فترة وأخرى لنجدد ذلك الجلد القديم البالي بجلد متين يتحمل مصاعب الحياة ويخرج منه انجاز تلو انجاز، لا تأخذوا الشتاء فصل من الفصول بقدر ما هو طاقة تبث فينا قوى جديدة تدفعنا لصنع التغير في حياتنا، وتُكسبنا قوة اكبر لتجاوز مراحل كدنا أن نتخاذل أمامها، ولتكن امطار الشتاء تنفض الغبار من داخلنا لنرى ما لم نكن نراه سابقا وأننا كنا في سبات عما حولنا، وليكن شعارنا بالشتاء ( لنرفع شراع التجديد لنغير مسار حياتنا).