عن أبي هريرة - رضي الله عنهُ- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أتدرون ما المفلسُ؟" قالوا":المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال:" إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناتهُ قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرحت عليه ، ثم طُرح في النار" رواه مسلم.
للأسف أرى اليوم أننا أوشكنا لنأخذ لقب "الدولة المفلس" و هنا ضمنت كل عناصر الدولة من شعب و أرض وحكومة.
فالأرض خيرها لغير أهلها وما بقي منها الكثير لا في باطنها و لا ما هو فوقها عطشت من ماء منعناه عنها، وحرمناها من خضرة تشد عضدها و سرقنا باطنها و حولنا كل جميل فيها إلى حجارة مصفوفة وشوهنا كل جميل فيها بتراكم نفايات ومخلفات. فأخذت منا جميل مُناخنا و نظافة هوائنا و نقاوة مائنا و دب فينا كل خبيث من مرض، وما كان منا إلا مزيدا من افتراء و تجبر فأصبحت تلفظ كل أنواع الشر بالتنكيل تبتلع أولادنا بجرف ماء كان من المفترض يكون خير، و بالنار حرقت نفسها لتدمر من حولها، و تثير غبارا يخنق أنفاسنا.
أما الشعب بإيمان منقوص مغلوط أخذ بالمظهر و ترك الجوهر وأصبح الدين تجارة وغطاء وأسموه سياسة وعادات و تقاليد، ابتعد عن التكافل وصار الإعلام نميمة نأكل لحم بعضنا أمواتا فدب الفقر ودب الجوع وزالت سكينة الأمان ولكن دون أن نتعظ أو نرجع للحق فسُلط علينا كل فاسد و كل لئيم وكل مفتري هم ليسوا منا ولكن هم ولادة جنين عُهرنا فأخذوا كل خير فينا ولنا وألقوا علينا كل شر ومقيت بيننا... فكان الفلس.
أما الحكومة فلن أزيد القول سوى ما هو الحال اليوم من إفلاس داخلي و إفلاس خارجي وما بقي دور للبلد سوى كرة يلتعب بها لمن هي بيده، تهلل لمن يدفع أكثر وتقطع الوصل إذا تؤمر وفي عقودها ومعاهداتها هي من تخسر وفي تمرير كل زالفة بقليل الفتات تؤجر.