الخطاب «المتستر بالدين» كان ومازال قاصرا وعاجزا عن تفسير مجريات الأحداث أي كانت صفة هذه الأحداث والظواهر
وبخاصة عندما يكون هذا الخطاب ذرائعيا ومتكلا على «الغيبية» وسيلة لتغطية هذا العجز او تبريره، لقد فاجأني
الدكتور النائب محمد نوح القضاة باللجوء الى هذا المنهج في تفسير فاجعة البحر الميت التى راح ضحيتها عدد من
فلذات اكبادنا من ابنائنا الطلبة يوم الخميس الاسود في الخامس والعشرين من الشهر الفائت، حيث ارجع سبب السيول التى تكونت بسبب غزارة الامطار في ذلك اليوم وتسببت في اغراق الطلبة في البحر الميت بانها جزء من (غضب االله علينا في الاردن)، الدكتور القضاة وفي خطابه الذي يبدو انه تحدث به تحت هول الكارثة، خلط فيه بين ظواهر منافية للدين من رشوة وفساد وانحلال اخلاقي وقيمي وقدمها كلها في سياق خطاب «ديني تعبوي يسحر المستمعين» على انها ساهمت في «انتاج غضب االله» ضد الشعب الاردني والذي راح ضحيته الطلبة الابرياء، واخطر ما جاء في تلك
الخطبة على احدى الفضائيات الاردنية ان الدكتور القضاة كرر في كلامه الموجه للجمهور ان هذا الكلام هو للناس الذين يؤمنون بما يقول حيث قال ما نصه (انا قاعد بحكي دين ولجماعتي بس ) وهو منطق مستهجن من شخصية عامة من المفترض ان خطابه للناس لكل الناس، اما محتوى ومضمون هذا الخطاب في رأيي فهو كلام غير علمي، وقد تعمد الدكتور القضاة في خطابه على توظيف واقعة النبي موسى «كليم االله» وقومه في سورة الاعراف توظيفا في غير محله، و اراد من خلالها تسويق رؤيته وقناعته بان الغضب الالهي ان حل على قوم فهو يهلك الجميع البريء بمعية
وجريرة الضال والمضل، ويريد اقناعنا بان المجتمع الاردني هو مجتمع «مغضوب عليه» لانه مجتمع لا علاقة له «باالله»... فهل هذا حقيقي؟؟.
في ردى المختصر على الدكتور القضاة اقول له ما هو تفسيرك للآية الكريمة « وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» (الزمر)، والتى يعتبرها فقهاء الدين قاعدة العدل الاولى في الدين الاسلامي، بينما قصة قوم موسى و العجل الكاذب الذي خدع هارون وقومه واخذوا بعبادته « في غياب النبي موسى في سورة الانفال فهي سورة كانت تؤرخ لواقع او واقعة قبل ظهور النبي محمد ونزول الرسالة الاسلامية التى كرست العدل والمساواة بين كل الناس اولا وبين المسلمين ثانيا».
فالاسلام دين عدل قبل كل شيء واالله سبحانه وتعالى واعوذ باالله من هذا التشبيه الذي اقتضته الحاجة للتوضيح في هذا المقال ( االله ليس حاقدا وليس ديكتاتورا ليقتل اطفالا ابرياء من اجل معاقبة عصاة وكفرة وضالين في م
جتمعنا الاردني او غيره).
لقد لبس الدكتور القضاة عباءة الواعظ واستخدم المنطق الدعوي الذي يستخدمه الوعاظ لاثبات وجود االله مع امم واقوام كافرة وملحدة ولا تؤمن باالله، كما اخطأ عندما تعامل مع مجتمعه المعروف بتدينه باعتباره مجتمعاً «كافراً وملحداً»، وذهب في التحليل والتفسير حد المس والتشكيك بالمجتمع الاردني اخلاقيا ودينيا، واعتقد جازما انه ذهب لذلك بغير قصد او نية سيئة، فالرجل واعظ وسيرته عطرة وليس لديه هدف او غاية، ولكن لكل جواد كبوة.
Rajatalab5@gmail.com
الرأي