** قصيدة إيليا أبو ماضي المشهورة بقصيدة الطين ليست سوى إعادة كتابة بالفصيح لإحدى قصائد الشاعر الشعبي الرميثي
تعد قصيدة الشاعر محمد بن حسين الدسم العنزي أم الوصايا وتسمى أيضا "شيخة القصائد" لموقعها في الشعر البدوي، وهي عشر وصايا يقدمها الشاعر لأخيه، والقصيدة مشهورة جدا ويتناقلها الناس شفويا وكتابة، وهي قصيدة مليئة بالحكمة والتجارب والصور الجميلة.
والشاعر الدسم ويعرف أيضا بالرميثي، ولد في حوالي العام 1840، وتوفي حوالي العام 1940 عن مائة عام.
وقرأت في صحيفة الرياض للكاتب الأستاذ صلاح الزامل مقتبسا عن العلامة روكس بن زايد العزيزي بأن قصيدة إيليا أبو ماضي المشهورة بقصيدة الطين والتي يقول فيها:
يا أخي لا تمل بوجهك عني ما أنا فحمة ولا أنت فرقد
ليست سوى إعادة كتابة بالفصيح لإحدى قصائد الرميثي، والتي يقول فيها:
يا خوي ما احنا فحمة بها سني ولا أنت شمسا تلهب الدو بغياه
ويقول إيليا أبو ماضي
أنت لا تأكل النضار إذا جعت ولا تشرب الجمان المنضد
لك في عالم النهار أماني ورؤى والظلام فوقك ممـتد
وبقلبي كما بقلبك أحلام حســـــان فانه غير جمــد
أأمانـي كلـها للتـلاشي وأمـانيـك للخـلود المؤكـد؟
لا فهـذي وتلك تأتـي وتمضـي كذويها وأي شيء يؤبد؟
وهذه الأبيات "تفصيح" لشعر الرميثي
المنوه اللي بضميرك تلوى لي مثلـها يا شيـن بالقلب تهواه
نحلم حلو ما حلوة يوم نرضى وتمر يوم السعد ما بان ما طاه
وليس قول أبي ماضي "واذا راعك الحبيب بهجر ودعتك الذكرى ألا تتوجد" سوى تفصيح لقول الرميثي "يوم الرماح تناوشك ليه تلوى، والترف يوم يفارقك ليه تشهاه".
ويقول الرميثي:
كليتنا للترب نمشي ونحيا لا توهمك يا الضبع نفسك بمشهاه
أما أبو ماضي فيقول:
أنت مثلي من الثرى وإليه فلماذا يا صاحبي التيه والصد؟
ويقول الرميثي "محمد الدسم":
هذا القمر والشمس والنجم تعلى ومخمو مسك مثل الخرابيش تنصاه
وأخذ ابوماضي هذا المعنى وقال:
النجوم التي تراها اراها حين تخص وعندما تتوقد
قمر واعد يطل علينا وعلى الكوخ والبناء الموطد
ألك القصر دونه الحرس الشاكي ومن حوله الجدار المشيد
وأما الوصايا العشر للشاعر الرميثي، فهي أداء الفرائض الدينية من الصوم والصلاة، والصبر عند الشدائد، وتجنب "كثرة الهرج" لأنه خيبة، وهرج بلا معناه مسموج ويخيب، وتحري الجديد في الحديث والمعرفة وترتيب الهرج وسط الرجال، والتحذير من "الخفة" والسعي في نقل الأخبار والتحري عنها، فمن يركض وراء أخبار الناس وعيوبهم يركض وراءه العيب، ويعتبر الثروة والجاه في الإبل "سفن البر حرش العراقيب". وأما الغنم فإنها تجلب الشيب قبل موعده، واختيار الزوجة الصالحة الأصيلة، والسعي إلى الاكتفاء، وملاحظة أن الفقر يورث المذلة والهوان "ترى كثير المال كل جبيبه" وأما الفقير "لو كان طيب يكثرن به شواذيب"، والتحذير من "الدروب الفاسدة فعلها ريب، درب الدنس والعايزة والقريبة، ترى هذيلن من كبار العذاريب"، واللجوء عند المصائب والابتلاء إلى الرجال الصلبين أهل المروءة والشجاعة الذين "يلحون العقود المناشيب" والذين يصبح الدخيل عليهم في أمان، وأما أم الوصايا وخلاصتها فهي إكرام الضيف والصديق والرفيق، "الضيف ضيف الله" سواء كانوا فقراء أو أغنياء، وجهاء أو بسطاء الناس، ويشير أيضا إلى جلساء "الشيوخ والحكام" الذين لا يرعون الصدق وحرمة الناس " خويهم ما يشتهي نفض جيبه، حكاي وجهين يقص العراقيب، هذي يوديها وهذي يجيبه، وهذي يسويها بين صدق وتكذيب"
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo