عامر الخياط يبوح بتجربته الحياتية في رحاب "العصرية"
02-11-2018 01:28 AM
عمون - شكر الأستاذ الدكتور أسعد عبد الرحمن الأستاذ عامر الخياط على بوحه "القوي والشجاع"، وتساءل: ما الذي يغري شابا بكتابة مذكراته ونشرها في كتابٍ يكون –غالبا- عرضة لأن تطاله أيدي معاصريه بالنقد أو التعليق، أو، بعدم الرضا أو عدم الموافقة؟ وأية حسابات أو صفقات يبرمها الشخص مع ذاته –غير التصالح معها- واستخلاص الدروس والعبر، في اتخاذه قرار كهذا؟ وهل يختار مثلاً أن يكتب من خلال مرآةٍ مقعرة أم محدبة أم مستوية؟!، وهل يفلح بالفعل في تحقيق مبتغاه على النحو الذي يريد؟، وأضاف د. أسعد: أنه لطالما كنت المهماز المشجع لأصدقائي ممن هم أكبر مني سنا -ممن عرفتهم في حقل السياسة- على كتابة مذكراتهم، ونجحت فعليا في اقناع عدد قليل، وتبقى القاعدة التي أؤمن بها وأتمثلها دائما وهي: ألا يكتب أحد إلا عما عرفه، وكل ما عرفه إن امتلك الجرأة وهو الأمر النادر، مشيدا بشجاعة المحاضر وجرأته في اتخاذه لقرار الكتابة هذه، وبالصراحة التامة والشفافية الكاملة.
جاء ذلك خلال تقديم الدكتور عبد الرحمن للمحاضر الأستاذ عامر الخياط في الأمسية التي نظمتها "مؤسسة فلسطين الدولية" والمدارس العصرية في منتدى الأخيرة، واستعرض فيها الخياط تجربته الحياتية بحقائق عارية مجردة هدفها استخلاص الدروس والعبر، وسط حضور نوعي كبير وتفاعل واسع مع مثقفين طوف بهم بين أرق الهوية والانتماء وطقوس العبور إلى الذات.
وقال الخياط: يكمن أحد التحديات في المفهوم المعقد لاستمرار الهُوية. فأي نسخة منك تحدد هويتك؟ الشخص الذي أنت عليه اليوم؟ أو ما كنت عليه منذ 5 سنوات؟ أو كما ستكونه بعد 50 عاما؟ ومتى يمكن أن تحدد هذه "الأنا"؟ هذا الأسبوع؟ أم اليوم؟ أم متى بالتحديد؟، وأي جانب منك هو "أنا"؟ هل هو جسمك الملموس؟ هل هي أفكارك ومشاعرك؟ هل هي تصرفاتك؟ لذلك، من الصعوبة بمكان أن تجد طريقا في مياه التفكير التجريدي العكرة للوصول إلى الإجابة!، لأنك عبارة عن مجموعة من الأجزاء دائمة التغير: جسمك الخارجي وعقلك وعواطفك والظروف التي تعيشها وحتى مراوغاتك، كل ما سبق دائم التغير، ولكن بطريقة مدهشة وغير منطقية أحيانا بحيث تبقى نفسك أيضا. وهذا أحد الأسباب في أن السؤال: "من أنا" بالغ التعقيد. وأضاف: أننا وفي مرحلة البحث عن الذات وإرساء قواعد السلام الداخلي، الذي نفتقده، نقرر أن نكون متصالحين مع واقعنا بإضفاء القليل من الهدوء على أيامنا المنحازة في الغالب للفوضى وصعوبة الموازنة بين ما هو حاصل وما نريده أن يحصل. هناك فقط نجد أن علينا أن نجهر بقناعاتنا التي شكلتها الخبرات والتجارب الحياتية، وخيبات الزمن المتكررة التي فرضت علينا بفعل الظروف، فكانت النتيجة تغييبا قصريا لرغبتنا في أن نمنح كل الأشياء من حولنا لمسة إنسانية صادقة، قادرة على أن تهزنا من الداخل، وتعيد إلينا الإحساس بأهمية تلك اللحظات المبتورة من عمر الذاكرة، والمحاكية حتما لشفافيتنا في التعاطي مع عالم بات يفتقر للفرح وللحب. واضاف المحاضر: أن ما علينا أن نفهمه الآن، هو أنه ليس من الممكن أن نواصل الحياة محملين بهموم لا تنتهي وصراعات كفيلة بأن تخسرنا كل شيء حتى قدرتنا على التعايش مع ذلك الهدوء غير الاعتيادي، وأن من الأهمية بمكان أن ندرك احتياجنا لمساحة نتحرر داخلها من تعقيدات نجحت في أن تثنينا قليلا عن الاستمتاع في الحياة المعاشة الراهنة بمشاعر السكينة والسلام التي تجتاحنا وتسعى إلى تغييرنا.
هذا، وشهدت الأمسية -التي ناهزت الساعتين - حضورا لافتا ومشاركة واسعة، وانتهى اللقاء بتقديم د. اسعد عبد الرحمن درع تكريمي للمحاضر باسم المدارس العصرية و "مؤسسة فلسطين الدولية".