لقد مرّت الأيام، يوما بعد يوم، وكأنها حُلم، وتمنى كل بيتٍ اُردني أن يكونَ كذلك، ولكن الحُلم كان حقيقة، والحقيقة كانت كارثة، والكارثة كانت مُصاب جلل، أبكت الحجر قبل البشر، أبكت كل بيتٍ أردني لما حصل في يوم الخميس الأسود.
لدرجة أنه لم يبقَ طفل أو أب أو أم لا يعاني الآن من التوهان والحزن والألم العميق على ما حدث في يوم الفاجعه. كل البيوت أصبحت وستبقى مظلمة يا وطن لحين إنزال العقاب بمن كانوا بعيدين كل البعد عن تحمل أدنى درجات المسؤوليه والواجبات الموكولة إليهم بأمانة. إن ما يؤلم حقا أنه وحتى هذه اللحظة لم يتقدم أيُ وزيرٍ من الوزراء المعنيين بالموضوع والذين تتجه أصابع الاتهام نحوهم في فاجعة البحر الميت بتقديم استقالته، حفاظا لماء الوجه، أو تكريما لأرواح الشهداء، أو إكراما للشارع الغاضب، رغم إدراكهم الكامل بأنه وبالجلسة الرقابية لمجلس النواب، كان واضحا للعيان أن الكثير من النواب كانوا مشحونين بكتلة من الغضب النابع من إحسساسهم بالمواطنه وعَلت أصواتهم بالجلسة وهم يطالبون الوزراء المعنيين بالاستقالة وآخرون توعدوا لهم بحجب الثقة عنهم. علما وإن أبدوا النواب غضبهم من الوزراء المعنيين بالكارثة، فلم يرتقوا إلى أدنى طموحات الشارع الأردني الذي كان يتوقع من المجلس حجب الثقة عن الوزراء المعنيين وتسكير هذا الملف إلى ما لا مُماطلة، لأن المماطلة هي زيادة في الهدر للمال والوقت العام. وليس أقل غضبا من البيت الأردني الواحد، الذي يترقب عن كثب إنزال العقاب بالوزراء المعنيين في الكارثة لِما اكترثوه من مهزلةٍ أخلاقيةٍ، في محاولاتهم وبلا كلل، التنصل من مسؤولياتهم ورمي الكُرة كلٌ في ملعب الوزارة الأخرى. فلا زال أكثر من مليون بيت أردني يطالبون بعدالة الأرض ليرتاح من تضرعوا إلى السماء، ونحن بانتظار أن يعلوا صوت الحق على صوت المُتنصل، لنعزي أنفسنا العزاء الحقيقي ولتبرد دماء الأطفال والآخرين من شهداء هذا الوطن الذين لا تزال دماؤهم تطفوا على سطح البحر الميت بانتظار سماع صوت الحق يهدر في البرية ويقول ارتاحي "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةَ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً".
وكلنا نعلم أن الأردن كان وسيبقى بلد العدالةً والحق.