نعم البعض ينشر الاكاذيب والاخبار الملفقة ويمارس التضليل دون وازع من ضمير ودون رادع اخلاقي. نعم الاشاعة الكاذبة تنتشر كما النار في الهشيم والى حين دحضها وتعريتها تكون قد مزقت قناعاتنا كل ممزق.
الاشاعة الكاذبة كطعنة الخنجر تترك أثراَ فوريا وجرحا عميقاً ويحتاج علاجها زمنا طويلا.
يحضرني هنا قصة قيلت في الاشاعة الكاذبة واغتيال الشخصية: "قيل أن أحدهم كره آخر. فهمس زوراً في أذن ثالث قائلاً أن أخت فلان (...). فانتشر الخبر الكاذب بين الناس وبدأوا يتداولونه في مجالسهم. فكلما مر فلان على جماعة بدأوا يتهامسون في الأمر ثم ازداد الوضع سوءاً فامتنعوا عن مجالسته. ولما علم ذلك المسكين بما الصق به، أقسم أغلظ الايمان بأنه وحيد ابويه وأن لا اشقاء له ولا شقيقات، ومع ذلك لم يصدقه أحد. وبقيت الاشاعة الكاذبة تلاحقه في حله وترحاله".
إن من أمن العقاب أساء الادب. ومن ينشر الاكاذيب ويمارس التضليل يعبث بنا ويعبث بأمننا وسلامتنا وقيمنا وعاداتنا واحترامنا لأنفسنا.
هناك حد فاصل بين حرية التعبير و (قلة الأدب). الأولى مصونة والثانية مذمومة. ولو فكر متلقي الاشاعة الكاذبة لحظة واحدة بمضمونها لتبين له أن ناشرها يستخف بعقولنا ليصنع من نفسه بطلاً أو عالما بخفايا الأمور على حساب تلويث افكارنا والنيل من ثوابتنا.
كشف الكذابين والمضللين ومروجي الأخبار الملفقة واجب على كل واحد منا. فمن ثبت كذبه ردت روايته وبطل حديثه. وما الضير في أن يقال للكذاب كذابا. وليذهب الكذاب بعدها للقضاء يطلب إنصافه. ليكون القرار عندها بأنه قد جلب الحقارة لنفسه. فإن كان للكذابين منصات يغردون من على منابرها، فليكن لنا منصة تدحض اكاذيبهم وتعريهم حتى لا تقبل لهم رواية ولا يصدق لهم حديثاً.
وبالمقابل نعم للشفافية والمصارحة وهذا هو الأصل. ولكن دفع المفاسد أولى من جلب المنافع. فإن كان في المصارحة ما يلحق الضرر بالوطن، فإن في السرية أحياناً (دون إهمال البحث عن مواطن الخلل وايجاد العلاج وعقاب المقصر) ما قد يكون أكثر نفعا من المصارحة. فإن أحيل ملف ما للتحقيق القضائي فعلينا أن نحترم سرية التحقيق وننتظر نتائجة، فلا نستبق الحدث بالاشاعة ولا نطلب الشفافية خلافاً للقانون.
دمتم ودام الوطن بخير