يضطر الملك مرة اخرى لان يتدخل كالعادة ويشير بالخط الاحمر إلى ما يهدد نسيج المجتمع وقيمه وثوابته ، والمعاني المشتركة من : الاخوة والتضامن والتكافل والتفاعلية والنقاش البناء التي ورثناها عن الاباء والاجداد , فهم الذين أستطاعوا تجسيد الوحدة الوطنية المبنية على الثوابت والامن والاستقرار والإلتفاف حول الوطن وقيادته فواجهو
بعزيمة واثقة كل العواصف والاعاصير والدسائس والمؤامرات التي واجهها هذا الوطن عبر مسيرة العطاء الشامل .
نقر مع الملك أن الاكاذيب والاشاعات والبطولات الزائفة تعزز السلبية والاحباط وتدخلنا في صراع بين الحقيقة والخديعة التي تقف الاشاعات خلفها , حيث يحاول اصحاب الاجندات والمصالح استغلالها لنشر اجواء الريبة والخوف والتشاؤم ، وتعطيل مسيرة التنمية وتكبيل التطلعات والطموح وفرض الغربة في نفوس الناس . فتواجه صدق الاردنين التي تتجاوز كل هذه المحاولات .
منصات التواصل الاجتماعي احد نتاج التطور التكنولوجي للعملية الاتصالية والتي خلقت ثورة عالمية في مجال الاتصال والتفاعل وأدخلت مفاهيم ونظريات جديده قفزت فوق الاعلام التقليدي , خاصة وانها تملك خواص الكونية والتفاعلية والتخزين والوسائط المتعددة , واستطاعت ان تربط ابناء البشرية وخلق حوار بينهم , واستباحت الفضاء واستطاعت أن تدخل البيوت متجاوزة الحدود الزمانية والمكانية ، جنبا الى جنب قدرتها على خلق تفاعل كوني لمجموعات افتراضية قدرة الدراسات أنها تزيد عن 70% من الاخبار عبر احد منصاتها . واستطاع اعداء هذه الامة من نقل صورة خاطئة للمجتمعات الافتراضية , واستغلال الفضاء لترويج الارهاب والفكر المتطرف .
إن رؤية الملك الاعلامية التي جاءت عام 2003 وطالب بالارتقاء بالمنظومة الاعلامية لما يتماشى مع المتطلبات الجديدة انما اشار الى تطور في الاداء الاعلامي فنيا وتقنيا وفكريا والانفتاح على العالم والتعامل بالاخلاقياتالاعلامة والمهنية والقيم الانسانية وأحترام الاراء الاخرى من خلال التعددية والالتزام بالقوانين المشرعة ومواثيق الشرف , بحيث نستفيد من هذا التطور في تكنولوجيا الاتصال لندافع عن انفسنا وندخل للعالم معبرين عن هويتنا وإنجازاتنا وتضحياتنا وثقافتنا وقيمنا الاصيلة والتي تصلح لتكون القاعدة المشتركة للبشرية جمعاء . لقد أراد الملك أن يكون للحرية معنا مرتبط بالمسؤولية , فإذا كانت الحرية واجب وحق ,فإن المسؤولية هي الاساس , فلا حرية مطلقة ولاحرية حقا طبيعيا يعطى دون مقابل ، بل حقا مشروعا بمسؤوليات يمارسها الانسان تجاه نفسه ومجتمعه ، ولا حق لاحد بالاعتداء على حرية الاخرين , فإغتيال الشخصية , والاساءة للأخرين مخالف لمفهوم الحرية وبالتالي للقوانين , فكيف بالكذب والادعاء والتلفيق غير المعتمد على معلومة حقيقية ؟ .وسائل التواصل ادوات للحوار وتعظيم القواسم المشتركة بين الناس وبالتالي تعظيم التكاتف ومواجهة المؤمرات ، والاخلاق الاردنية مرتبطة بالمستوى العالي من التحليل والاستنتاج ، وبالتالي انعكاس للحالة الثقافية والوجدانية لدى الناس . لا نريدها حالة من الانحدار والتخلف بالاساءة وخلق الفوضى والتحريض فليس هذا مما تعلمناه او تربينا عليه أو تعودناه بل حالة طارئة زائلة لا محال؟؟؟. ,
إن الرسالة الاعلامية لا تقف عند شخص بعينة ولا منطقة بعينها بل تطوف معظم المجتمعت الافتراضية وتفتح المجال لاصحاب النفوس المريضه من استغلالها والتشهير بالوطن , الامر الذي يتطلب الثقة بالوطن وقيادته وبمنجزاته , والوقوف صفا لمواجهة تحدياتنا وعدم الاكتراث بكل السفاسف من الاقوال والتلميح , فنحن الاقدر على تقييم ذاتنا ومعرفة قدرتنا وبالتالي جمعنا . إن وسائل التواصل هو المكان الذي ينفس الناس عن انفسهم كما وإن هذه الوسائل هي منصات مفتوحة للتعبير والمساهمة بالرأي والتعرف على الفكر والثقافة العالمية والتزاوج معها لخلق ثقافة انسانية مشتركة .
وهي فرصة وطنية ، خاصة وأن لدينا ما نقوله للعالم وأمامنا تحديات يجب أن نلزم العالم بالانتباه اليها , ولدينا اولويات في تعزيز الوحدة الوطنية وتعزيز الامن الوطني وعدم الالتفات لأي رأي لا ينسجم مع المصلحة الوطنية العليا. نحن مع الرأي والرأي الاخر , نحن مع احترام اراء الاخرين, نحن مع انسانية الانسان وقيمه .
ان اساليب التشكيك عالم الانترنت يجب أن تزول لتوفر سرعة الرد ولاستجابة المباشرة , فسرعة الاستجابة ونشر الحقائق متاحة ولكن لا نحتاج إلا قليل من الوقت , وهنا يبرز دور مواجهة الاشاعة بالحقيقة وتفهم المسؤولين ومن يملك المعلومة معرفة اهمية التدفق المعلوماتي , فإذا اردنا رفع مستوى التنبؤ والانتظار عند الناس قبل تصديق الاشاعة وجب علينا الوضوح والصدق والمعلومة الحقيقية عندها سنقرأ الفاتحة على الاشاعة ومطلقيها .هذا مع تنفيذ حملة توعوية شاملة تربوية مجتمعية لتعزيز مفهوم الحرية ومعانية وخصوصية منصات التواصل الاجتماعي وفوائدها .إضافة لمراجعة التشريعات لإعادة التأكيد على حرية التعبير وتعظيمها وبنفس الوقت المسؤولية بتوازن يصب لصالح المجتمع وبالتالي الفرد. ان الاعلام الجديد هو فرصة جديدة للتفاعل مع العالم والدفاع عن وطننا بدون ثمن, ويحتاج ألى الوعي الحقيقي لحاجة وطننا للمضي به للمستقبل.