نهج طيب ذلك الذي تتبعه الهاشمية اليوم بتكريمها لأرواح الطلبة الذين حال القدر بينهم وبين استلامهم شهاداتهم الجامعية لأحوال عديدة رغم أحادية سبب فراقهم.
فبالرغم من استلام ذوي الطلبة شهادات وفاة أبنائهم وأبنائنا إلّا أن الهاشمية بإدارتها الحانية أبت إلّا أن تُكرم أرواح طلبتها لمسيرة العلم التي انتهجوها في حياتهم، وتكريم ذويهم لسنوات التعب والجهد التي حال القدر دون قطف ثمارها.
وإزاء استنكار البعض: كيف تَقدْم جامعة على إعادة حزن لأسر فقدت فلذات أكبادها بأحوال عديدة ! أقول: وهل في تكريم أرواح الشهداء الذين رَوّوا بدمائهم ثرى الأردن الطهور حزن أم افتخار ؟ وهل في ترفيعهم لرتبهم التي تلو رتبهم لحظة استشهادهم تكريم أم اندثار !
لا شك بأن الإجابة واضحة ولا تحتاج لمحللٍ أو لمفسرٍ وطلبة العلم كذلك يحتاجون التكريم في حياتهم وبعد وفاتهم، ولا ننسى بأن حال الدنيا كلها شهادات فبين شهادة ميلاد نفرح لها وشهادة نجاح نفخر بها وشهادة تقدير نعتز بها لا يغب عن أذهاننا شهادة وفاة نتألم لأجلها وهي حق لا يمكن لعاقل انكار حتميتها.
إن في تكريم الجامعة لأرواح طلبتها رسالة تحمل في مضامينها معانٍ كُثر، إذ بها تكريس لإنسانية الجامعة وإنسانية العمل الأكاديمي، وتجسيد لمعنى أن تكون الجامعة أسرة كبيرة للطلبة وبيت يحتضنهم بالعلم والمعرفة، كما أن في ذات التكريم رسالة لأولياء الأمور بأنكم إن حزنتم لرحيل أبناءكم فنحن معكم شركاء نشاطركم الحزن كما نشارككم الفرح، كما أن في التكريم كذلك رسالة لجل المؤسسات خاصة التعليمية منها رسالة من الإدارات والأساتذة والعاملين والطلبة بضرورة الالتفات لطلبة العلم الاحياء والرفق بهم، وضرورة احترام من رحل منهم سواء اكتملت مساعيهم أم لا، وهذا مما لا شك فيه صورة من صور التكافل الاجتماعي كذلك التي تذكر محاسن الموتى وإكرام نُزلهم.
إن نهج الهاشمية اليوم والذي لم يُرخص فترات الدراسة للطلبة ولا يُذهب عن مكان العلم عبقه يحتم على الجميع احترامه والنظر إليه بعين الاعتزاز والفخر، فالهاشمية التي لطالما تغنيتُ بها حقاً لها وواجباً علينا تجبر القلم للتباهي بإنجازاتها ونهجها الطّيب، لا سيما أن الهاشمية منذ تأسيسها أخذت على عاتقها الاهتمام بالعلم والمتعلمين. فالهاشمية جامعة محورها الإنسان مثلما أن الأردن دولة محورها الإنسان، وهذا ما أكده جلالة الملك المعظم وعبّر عنه كثيراً كأحد ثوابت الدولة العميقة بقيادتها وشعبها وأرضها، إذ قال جلالته في افتتاحه للدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة الثامن عشر:" والأردن دولة محورها الإنسان"، وإزاء كل ما تقدم سيسجل التاريخ للهاشمية بإدارتها ومنتسبيها نهجها الإيجابي النبيل، كما لن تنسى أفواجها وأفواج العلم النظرة الإنسانية الحانية للجامعة بإدارتها وأسرتها الكبيرة، وهذا ليس بغريب على جامعة حملت اسم أنبل العائلات وأرقاها وأكثرها نبلاً وإنسانية.
ختاماً
سنبقى بحقك يا هاشمية مقصرين، حتى لو قلت مقالاتنا بحقك أو كثرت.
نهاية تبقى الشواهد أنبل دوافع الكتابة وحقٌ لنا أن نُعظّم الإيجابيات.
حفظ الله الأردن أرضاً وقيادةً وشعبا