facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اللهم أنت وحدك المجيب .. !!


أ.د عمر الحضرمي
30-10-2018 04:44 PM

عندما تعجز الدولة، أية دولة، عن استمطار تاريخ جديد، أو استدراج قدرة ناجزة مختلفة، نراها تذهب إلى الماضي، وتحاول جهدها أن تستدعي حفريات الأحداث التي مضت، لِتُمَثّل ثانية على مسرح الأحداث، حتى لو أن الشيب قد غزا مفرق هذه الأحداث، وهدّتها السنون، وسقطت قواها وخارت، فبدأت تشد يدها على عصاها، وراحت تتكئ على الجدران لتصل إلى مكان دفنها، علّها تستريح من هذا الضنك الذي ألحقه بها رجالها الساكنون على حواف التاريخ، والتائهون في درب الوجود، والساقطون في حُفَر الهزيمة والخذلان.

وعندما تتخلى الدولة، أيّة دولة، عن قيمها ومبادئها ومُثلها، تصبح نهباً للدولة الأقوى الطامعة بها وبثرواتها وبمقدّراتها. وهذا كلّه يدفع أن تخسر الكيانات الضعيفة والمتهاونة كل أسباب وجودها. والغريب بالأمر أن عدداً لا بأس به من هذه الدول كان ضحية للسياسات الخاطئة والحمقاء والمترديّة التي تمارسها قياداتها ومؤسساتها وكوادر هيئاتها الحاكمة، وهذا ما قاد إلى دمار هذه الدول وإلى الانهيار الذي يصل بها إلى حد الموت.

هنا لا بد من الوقوف على مطلاّت الوضع في العالم العربي، حيث نشهد بدايات انهيارات قتاميّة للدولة ومفهومها ومقّوماتها ومؤسساتها. بل والأكثر من هذا أن الدول العربية غدت الوحيدة بين دول العالم التي تتعرض للعدوان، وللإجتراء على وجودها. لذلك أصبح من الواقع الذي لا يختلف حوله أحد، أن «كل العدوان» هو واقع على الدولة العربية وحدها، وأن آخر احتلال في الدنيا هو واقع على الدولة العربية وحدها، وكل التدخل السافر واقع على الدولة العربيّة وحدها، وكل القتل والتدمير واقعان على الدولة العربية وحدها.

ومما يثير العجب أن هذه الدولة لم تُبْدِ حِرَاكاً، ولم تظهر مقاومة، ولم تمارس ثورة حيال ما يجري ضدها، وكل ما تفعله هو الاحتجاج والشكوى اللذان يقعان، أصلاً، في صالح دوائر الدول المعتدية؛ كبيرها وعظيمها ومتوسطها وصغيرها.

كل ساعة يسقط شهيد على أسوار غزّة، وكل لحظة يسقط أكثر من جريح، حتى أصحاب الحاجات الخاصة، والذين قُطّعت أرجلهم، وباتوا يقضون عمرهم في أحضان الكراسي المتحركة، لم يسلموا من رصاصة إسرائيلية تسكن الرأس أو القلب فتودي بحياة هؤلاء الشباب الذين لم يقبلوا أن يعيشوا بعيداً عن ضمائر أهلهم.

لم تكتف، الدولة العربيّة بهذا الهروب وبهذا التخاذل، بل راحت تقطّع أجساد بعض أولادها بيد البعض الآخر، وراح القتل يسكن شوارعها، ولم يعد الطفل يموت بالرصاص بل من تراكض المرض والحرمان والجوع، كل يريد أن يأخذ روحه قبل الآخر، وما أن تبحث عن القاتل حتى، كثيرا،ً ما تلقاه عربيّاً متدثراً بثياب الكهنة وشيوخ الطريقة، وتجده يبحث في
كتب الرسالات عن آية أو إصحاح يستشهد به على أنه على حق، وأنه ينفذ أوامر السماء.

إينما ذهبت، وحيثما توجهت، فأنت بلا شك واجدٌ رعباً يملأ القلوب، إذْ لم تعد تقدر على المشي آمناً في شوارع اليمن، ولا أن تمر آمناً بزنقات ليبيا، ولا أن تسير آمناً في حواري سوريا، ولا أن تتحرك آمناً في دروب العراق. أما إن ذهبت إلى مدن فلسطين فستجد أنها قد بدأت تشيخ لأنها لم تعد تسمع الحداء العربي... ولم تعد تسمع من يجيب وامعتصماه!، ولم يعد فيها إلا زفرات الشهداء الفلسطينيين من الشباب الذين آمنوا منذ زمن أن فلسطين ليس لها إلا هم، وأنّ الأقصى سيظل ينادي ولكنه لن يسمع جواباً، إلا ذلك الصادر من الصدر الفلسطيني، وأن كل نداءات وامعتصماه! لن تجد صدى لها في قلوب الناس وضمائرهم، إلّا من رحم ربُّك.

ولما أن كانت كلمة الحق واجبة القول، فإننا في الأردن، ومنذ أن نشأت دولتنا، ونحن نسير تحت قيادة آمنت بأن أرض فلسطين هي أرض مباركة، وأنّ السماء قد استقبلت الجد الأول لهذه القيادة صلى االله عليه وسلم آتياً إليها من بوابة سماء الأقصى، لذا التزمنا بالدفاع عن هذه الأرض بكل ما أوتينا من قوّة وقدرة، سائلين االله أن يسدد الخطا وينير الدرب...

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :