الحكومة الأردنية وإدارة الأزمات
المحامي د. أحمد محمد العثمان
30-10-2018 02:13 PM
فشلت الحكومة فشلاً ذريعاً في إدارة أزمة من الحجم الصغير ، وهي أزمة طلاب المدرسة الذين داهمتهم السيول وإنهار بهم الجسر من تحتهم ، إذ أن إدارة الأزمة مهما كان نوعها وحجمها تنقسم الى ثلاث مراحل هي :
1- مرحلة ما قبل الأزمة .
2- مرحلة أثناء الأزمة .
3- مرحلة ما بعد الأزمة .
ولمزيد من الإيضاح سأتناول بإيجاز كل مرحلة من هذه المراحل من أجل الوقوف على موقف الحكومة فــــي كل مرحلة فإلى ذلك أمضي :
1-مرحلة ما قبل الأزمة :
حيث تتمثل هذه المرحلة وتؤسس على التوقعات والفرضيات بناءً على إفتراض وقوع الأزمة ، بحيث تعد الحكومة العدة لتجنب الأزمة فإن تعذر ذلك يصار لإعداد وسائل المواجهة .
وهنا لا بد من ملاحظة أن الأزمة لم تكن ضمن دائرة توقعات الحكومة وخير دليل على ذلك سلوك الحكومة لمواجهة الأزمة التي كان لها وقع المفاجأة على الحكومة ، الأمر الذي يقودنا للقول بأن الحكومة فشلت فشلاً ذريعاً في هذه المرحلة .
2-مرحلة أثناء الأزمة :
إن هول المفاجأة بوقوع الأزمة لعدم توقعها جعلت الحكومة عاجزة عن إتخاذ الإجراءات اللازمة والكفيلة بتخفيف الأزمة أو التعامل معها كما يجب أن يكون التعامل وفقاً لها ، وخير دليل على ذلك أن عدداً من الأطباء المعنيين كانوا في إجازة ، كما لم يتم سد النقص في مجالات الطب اللازمة لمواجهة الأزمة ، فكان سلوك الحكومة على كل مستوياتها مخيباً للآمال .
3-مرحلة ما بعد الأزمة :
إذ لم يكن لدى الحكومة خطة لمواجهة آثار الأزمة من حيث الخسائر المادية والبشرية والنفسية وتصرفت الحكومة على نظام الفزعة بعيداً عن التخطيط .
كما تشمل هذه المرحلة تقييم الأعمال التي قامت بها المؤسسات والدوائر المختلفة وعلى ضوء هذا التقييم تتم المساءلة والمحاسبة ، مما يقتضي إعلان النتائج على الملأ .
إن الأزمة بمقدماتها وكينونتها وآثارها كفيلة لإقالة أو إستقالة اي حكومة في اي دولة من دول العالم مهما كانت إمكانياتها ، وسأضرب مثلاً لمواجهة الأزمات ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية عندما ضربت العاصفة ولاية فلوريدا في العام الماضي ، فقد تم نقل ستة ملايين شخص من هذه الولاية الى ولايات آمنة خلال أربعة وعشرين ساعة ، أي أن تعداد السكان الذين تم نقلهم من الولاية الى أماكن آمنة يساوي تعداد سكان الأردن ، في حين أننا لم نستطع إنقاذ ما لا يتجاوز خمسين طالباً من السيول والإنهيارات ؟! لكن قائلاً قد يقول : إن إمكانيات الأردن لا تماثل إمكانيات الولايات المتحدة ، فنقول لكن المطلوب نقلهم من الأشخاص لا يساوي ستة ملايين ولا مليوناً ، بل خمسين شخصاً ، اي أنه بعملية نسبة وتناسب فإن المطلوب منا يكاد يكون صفراً بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ، فهل إمكانياتنا صفراً إذا ما قيست بإمكانيات الولايات المتحدة ؟ الجواب قطعاً بالنفي ، لكن المسألة تكمن في جوهرها في التخطيط والتنفيذ وليست لجاناً ومجالس تشكل وتجتمع دون أن يعرف المواطن أو يلمس اي نتائج لكل ذلك .
بقي أن أقول إن ذهاب رئيس الوزراء وغيره من الوزراء الى المستشفيات التي تم نقل المصابين إليها إنما هو للتغطية على العجز والفشل ، لأن هذا التواجد إن لم يساهم في تأخير الإنجاز فإنه لن يضيف إيجاباً ، فهلاّ إتعظنا ؟.