الرحلة التي انتهت بشكل مفجع يوم الخميس الماضي أقرب ما تكون إلى الأفلام التي كنا نشاهدها، وفيها يزرو مغامرون غابات الامازون ثم تأتي افعى الأناكوندا وتبتلع الفريق واحداً تلو الآخىر، أو هي شبيهة بالأفلام التي صورت زيارات ورحلات إلى مناطق أودية صحراوية وانفاق مائية سحيقة انتهت بموت الغالبية ونجاة القلة القليلة.
في الفلم سوف يُحضر الآباء الأبناء في بداية الاستعداد للرحلة، ويختارون أنواع الأحذية بدقة، وستعقد شراكات بين الطلاب في الفيلم، بعضهم يحضر المشروبات الباردة وآخر الشيبس أوالشكولاته، وتوصل الامهات والآباء الطلاب إلى ابواب المدرسة ويودعونهم في الساحة، وقد يلتقي حديث أب حديث العهد السكن بالعاصمة مع أب آخر ويكونوا قد افتقرقا منذ زمن الدراسة الأولى في القرية، فيكون ذلك الصباح مليء بالفرح والسعادة.
في مكاتب الموظفين في المدرسة سيكون هناك ارتباك حول المكان بعد سماع أحد المعنيين بالمدرسة بالنشرة الجوية، ويتلو هذا محاولته ابلاغ مدير المدرسة لكن لظرف ما سوف سيكون تلفون المدير خارج الخدمة، وفي المشهد سيكون المدير في حديث مع احد أولياء الامور الذي يأتي للحصول على خصم لاحد ابنائه، فيرفض المدير، ولاحقا سيكون هذا الطفل من الذين يفارقون الحياة في الرحلة، فيكون التفاوض على الخصم لا معنى له.
تسير الرحلة وتبدأ بغناء وفرح، ينزل الركاب للفطور، ويقفون عند محطة الوقود لشراء بعض الحاجيات، ثم تسير الرحلة في خط سيرها المعتاد، لكن فجأة يتم تحويل المسار من منتجع مُعد للاسقبال وآمن، إلى اقتراح بالدخول إلى احد الأودية السياحية والذي يكون علية لوحة ارشادية بتحديد عمر الزوار.
تنقلب مشاهد الفرح والسعادة مع المطر الغزير إلى خوف، ورهبة بسبب انقطاع بث الهاتف، يحاول الفريق التجمع في مكان واحد، ونتيجة لوعورة المكان يبدأ الجميع بالبحث عن الجميع، وتمارس المرشدات دور الامهات والدفاع عن الطمأنينة المتبقية، لكن صوت الماء الهادر سيأتي بشكل مفاجئ، وقبل ذلك تبدأ أصوات الغربان والحيوانات الزاحفة تهرب صعوداً إلى قمم الوادي.
الخوف لا ينتهي، وفجاة تحل الكارثة ويقع الموت وتصبح الاجساد بين يدي الماء تتطاير من صخرة إلى صخرة، يتأخر الخبر، ولكنه يصل للأهل تنتقل كل الدولة للانشغال بالحدث، مطابع الصحف تغير مناشيتها، مراسلو الصحف والتلفزة في كل مكان، الوزراء في ارتباك، والاخبار تتوالى والأهالي في وجل وحزن عميق.
لا صوت غير صوت البكاء والفقد، لا سبيل لأي معلومة عن بعض الأطفال، ينتظر الجميع فرصة الانصات لأي خبر نجاة، وتأتي الاخبار، تبدأ موجة من التصريحات الإعلامية، ينتفض المجتمع، يقرر أن الخطأ كبير، يؤول إلى إقالة وزراء بعد فشل النواب بالتصويت على الثقة بهم وينتهي الفيلم والمخرج سيكون الشعب والمنتج هو الفيسبوك.
لقد بدد غضب الطبيعة خيالنا وهزمنا، لأننا كنا نهاية الاسبوع الماضي أمام فيلم درامي حقيقي ومؤلم لكن النهاية ستكون مفتوحة.
الدستور