أودّ لو كنتُ وحيداً... وأودّ ألا أرى أحداً من البشر ...وأن أنذر للرحمن صوماً فلا أكلّمُ انسيّا!
فاني رأيتُ الأشياء تتخلى عني تباعاً دون ان تلوّح لي بيدها، فقط لأنني تغيّرتُ، وتوقفتُ عن ممارسة حياتي حسب أهوائهم وبنفس طريقتهم!
شعورٌ مؤلمٌ وقاسٍ على القلب سرعان ما يذوب فيه الكبرياء وتنحسر دونه الكرامة ويصبح البحث عن مهرب ضرورة ملحّة لمعانقة الوحدة والاستئناس بها والركون الى ظلها!
تساوى في عينيّ الناسُ كلهم فلا أبالي بسخطهم ورضاهم عني، فقد اكتفيتُ بالله عز وجل وأتلمّسُ رضاه وحده،
وعبثاً أحاول البحث عن الامان في مكان وأنا أرقب وأنظر النكران والجحود في ذلك المنبت السوء، منبت السامريّ، فأرجع البصر كرّتين فينقلب إليّ البصرُ خاسئاً، ذلك أن عباءة الطهر الرّثة التي كانوا يتخفون بها يومها تبخرت أمام سوءاتهم التي بدت وعوراتهم التي تكشّفتْ.
واستحالت خرقة نجسة بالَ عليها الثعلبان لتُنبتَ خضراءَ الدِّمَن، شجرة خريفية أغصانها متهالكة وأوراقها ساقطة غير وارفة الظلال، أصلها غير ثابت وفرعها ليس في السماء ليس لها قرار.
ذات أُكُلٍ خَمْط وأثْلٍ وشيءٍ من سدرٍ قليل.... يا ويح قلبي لو لم أقترب من هذه الشجرة فأكون من الحامدين.
أجد خطواتي أصبحت ثقيلة ... وطريقي أضحى وَعِراً وأسابق الأيام ولكن دون جدوى، تواصلي بعد أن اشتعل الرأس شيباً لم يعد بنفس النسق القديم الذي كان يعجبُ الكفارَ نباتُه يوم كان كحبة قمحٍ أنبتت أربعَ سنابل فقط، ها أنا أبتعد وأغيّرُ طريقي لكيلا أرى ولا أسمع ولا أتكلّم محاولاً ألا أترك أثراً للوداع! فاني آنستُ ناراً لعلي آتيكم منها بخبر أو أجد على النار هدى.
أنا لا أستطيع أن أغيّر ألوان مبادئي وأفكاري في كل موقف لكي يقبلني الأخرون أنا لا أخجل من قيمي التي تمنعني من تقبيل يد السامريّ تبّت يداه، وأمثاله كالنمرود وهامان وفرعون ولا من تعظيم فتنتهم وتبجيل عنجهياتهم ...
ما أقوله: تباريح جريح، فيها شيء من السياسة وبعض من الفكر ونماذج من البشر وشظايا من الذكريات، قد يراها البعض سياسة خالصة، وقد يعتبرها آخرون أدباً خالصاً وقد لا تُرضي هؤلاء ولا أولئك!
وفي هذه التباريح شيء من المرارة، وكثير من الغضب، واحتجاج بمساحة العمر كلّه وحزن بعمق الجراح الطّرية التي ما زالت تستعصي على الاندمال، أُعلِّقُ فأسَها جميعاً في رقبة السامريّ الذي أخذته العزّة بالإثم مصيره ثبورا.
"رب إني وهن العظم مني" ولكنني لم أكن بدعائك ربي شقيا، اجعل لي في كل لحظة ضعف تمر بي في جسدي، في ولدي، في قلبي، في أهلي ساعة استجابة، أدعوك فيها، فأنا أرى أنني أقوى عند ضعفي ما يجعلني سعيداً ومتفائلاً في كل يوم جديد أعلم فيه علم اليقين بأن الله حيٌ لا يموت، وكريمٌ حيي لا يردُّ سائلاً، ورحيمٌ لا يقتُل أملاً..
سلاماً على الذين إن خانَنا التعبير لم يخنهم الفهم، وإن فسدت مفرداتنا أصلحوا نواياهم!