المصاب جلل وحكومتنا بلا خجل
الدكتور ماجد الشامي
29-10-2018 01:42 PM
سيدي صاحب الجلالة، قبل أن تكون ملكا كنت الانسان الأمير الذي يحب المغامرات، وشاءت الأقدار أن تصبح الملك الانسان، الانسان الذي وما إن أُخبِر عن فاجعة البحر الميت حتى أصدر كل توجيهاته للتعامل مع الحدث بمهنية عالية. فما كان من جلالتكم الا الاسراع في الغاء رحلتكم التي كانت مقررة إلى البحرين وذلك لإدارة الأزمة التي تعصف بالبلاد عن كثب، ساعيا من خلال توجيهاتكم للصحة والامن العام والدفاع المدني إلى إنقاد ما يمكن إنقاذه من اطفالنا وابناء هذا الوطن الذين كانوا في موقعة الحدث. ولولا العناية الإلهية وردة فعلكم السريعة في إدارة الأزمة وإصدار تعليماتكم وتوجيهاتكم لكانت الكارثة أم الكوارث. وبينما كان جلالتكم والأمراء تقفون في قلب الحدث لإدارة الأزمة من خلال غُرف العمليات أو ميدانيا أو زيارة المصابين في المستشفيات وبيوت العزاء كانت الحكومة تتأرق وتبحث عن مخرج لورطتها خوفاً من أن تعصف فاجعة رحلة الموت بكراسيهم الوزارية. وبإمتياز من الطراز الرفيع حبكوها على أن تكون مدرسة فيكتوريا هي كبش الفداء من خلال الحجم الهائل من التصريحات المفبركة، كل هذا يا سيدي كان خوفاً من جلالتكم بعد أن تبين لهم كم كنت حزين وغاضب خصوصا وأنكم اخدتم على عاتقكم الشخصي ادارة الأزمة بكل مهنية وحرفية الكبار وحكومتنا لا تعقل.
سيدي صاحب الجلالة، إن الحدث كان كبير جداً هز الدنيا بأسرها، وعليه كانت توجيهاتكم بعمل لجنة تقصي حقائق للوقوف على الأسباب أو العوامل التي أدت إلى رحلة الموت لمحاسبة المسؤولين. مما يعني انه في مثل هذه الحالات لا نستطيع أن نطبق مفهوم "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" ولا حتى نستطيع أن نطبق مفهوم المتهم "متهم حتى تثبت براءته" وذلك لعدم معرفة الأسباب التي أدت إلى هذه الفاجعة. وعليه يا سيدي لقد كان من المُخجل التسارع في توجيه الاتهام الى مدرسة فكتوريا قبل أن تقوم اللجنة المشكلة من قبل رئاسة الوزراء في الوقوف على البيّنات، مع العلم انها لن تكون نتائجها ولا توصياتها ذات مهنية عالية لانه لا يمكن أن يكون من تُشار له أصابع الاتهام بالتقصير هو نفسه القاضي والحاكم والجلاد. علما يا سيدي أن اللجنه الوزارية التي كانت مكلفة بالبحث في تفاصيل حادثة زرقاء ماعين في منطقة البحر الميت، الغير حيادية على الاطلاق، قد صرحت بانها "ستقوم بالبحث في كافة المخالفات الواردة على مدرسة فيكتوريا وكافة تفاصيل الحادث، تمهيدا لاتخاذ قرار باغلاق المدرسة". أضف إلى انني قد قرأت التالي "وبحسب المعلومات الواردة فإن الوزارة قررت تعليق الدراسة بالمدرسة لمدة أسبوع تمهيدا لاغلاقها ومنح الوزارة فرصة لتوزيع الطلبة على المدارس الاخرى وايجاد بدائل لهم". إذاً لماذا تم تشكيل فريق وزاري لتقصي الحقائق طالما الحكم صادر مسبقاً يا سيدي. حتى أن وزارة التربية والتعليم ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما صرحت التالي "ودرست اللجنة كافة المخالفات التي قامت بها المدرسة منذ عامين وتبين أن هناك مخالفات جسيمة ارتكبتها وكان يُفترض أن يتم اغلاقها بناء عليها "غير أنه جرى التستر عليها". وزارة التربية والتعليم تفضح نفسها بنفسها عندما تصرح هكذا تصريح، وأن دل على شيء إنما يدل على عدم قيامهم بالواجبات الموكولة إليها بأمانه. أي ثقة تمنح لهكذا حكومات يا سيد البلاد؟ سيدي صاحب الجلالة، وكما يقال "رب ضارة نافعة" ولا أتمنى أن تتكرر، ولكن الفرصة مواتية لكي يكون ما حدث درسا لكل من قصر في القيام بالواجبات الموكولة إليه بأمانة، أن كان من الوزراء الحاليين او السابقين او اي مسؤول او حتى إن كانت المدرسة ليكون درساً لهم، أنه لا أحد فوق القانون وأن يُرفع شعار " مسؤوليتك الاجتماعية أن تمشي دغري ليحتار عدوك فيك". وعليه يا سيدي كان لا بد من لجنه حيادية خارج دائرة الحكومة لكي يقدم تقريراً نزيهاً إلى جلالتكم حول اوجه القصور من قبل كافة الجهات المعنية بما فيها وزارة التربية والتعليم وتهاونها في هذه القضايا ومحاسبة أي شخص يثبت تقصيره اداريا وفقا للأنظمة والقوانين الخاصة بذلك.