من النيابة العامة خمسة مدعين عامين للتحقيق , ومن الحكومة لجنة تحقيق , ومن مجلس النواب ستولد لجنة تحقيق , ومن وزارة الاشغال لجان فنية للطواف على البنية التحتية , بقي أن يشكل وزير المياه لجنة للكشف على سد ماعين لتقوم اللجنة بالحلف على المصحف والانجيل في عين المكان بأن لا بوابات للسد ولم تفتح منه مسارب المياه يوم الفاجعة الاليمة . استغرب غياب ديوان المحاسبة لم لا يشكل بدوره لجنة ؟؟ وسلطة وادي الاردن الا تشكل لجنة أيضا ؟؟
وزير التربية لم يكتشف الفرق بين منطقة الازرق وبين زرقاء ماعين الا متأخرا , وزير البلديات حدد المسؤولية عن الفاجعة قبل أن تنهي النيابة واللجان اعمالهم , أما المواطن فينظر الى هذه الفوضى بذهول وترقب وفقدان أمل .
فاذا كان المعول عليه في تحديد المسؤولية التقصيرية او الجرمية هو تحقيق النيابة العامة الذي سيدفع الى محكمة البداية بالمسؤولين عما جرى , والمحكمة ستقرر البريء من المذنب ومن يستحق التعويض فما فائدة كل تلك اللجان التي فقد المواطن الثقة باعمالها التي تبدأ ولا تنتهي ؟؟
التحقيق القضائي والمحاكمة العلنية التي تتيح للمتهمين أن يدافعوا عن انفسهم بالحجة والبرهان هي عنوان الحقيقة فقط أما اللجان التي ستتجاذبها دوافع ومصالح فلن تكون ذات مصداقية عالية , وعلى سبيل المثال فهل نتوقع من لجنة التحقيق الوزارية أن تدين وزير التربية الذي عضو فيها ؟؟ أو وزير الداخلية الذي لم تفكر وزارته يوما بنظام انذار في مناطق السيول ؟؟ او وزير الاشغال السابق ؟؟ .
لا يجوز أن يحقق المسؤولون مع أنفسهم فان أحدا منهم لن يعمل على فقدان منصبه الرسمي , ولم نشهد في الادارة الاردنية ما يسمى بالمسؤولية الاخلاقية أو المعنوية , ولن توصي أي لجنه بأن الوزير الفلاني لم يرتكب خطأ شخصيا ولكنه مسؤول اخلاقيا وسياسيا عن الذي حدث وليقدم استقالته !! .
اللجنة الوزارية ستحقق بوقائع ولكنها لن تحقق مع الضمائر ولا مع الوزراء السابقين ان كان بينهم من تبلغ واهمل وقصر , وكل وزير في الحكومة سيقول انه وزير جديد ولا علم له بما فعل من سبقه , وهكذا تضيع الحقيقة ويتكفل الزمن بالباقي .
والسؤال الذي بطرح نفسه : لماذا يريد مجلس النواب أن يشكل لجنة تحقيق ؟؟ لماذا يحشر المجلس انفه في قضية بها تحقيق قضائي وتحقيق حكومي ؟؟ هل نعتبر ذلك أعلانا بعدم ثقة المجلس بالتحقيق الحكومي ؟؟
فاجعة البحر الميت كانت تتطلب لجنة تحقيق قضائية مستقله واحدة برئاسة رئيس المجلس القضائي أو رئيس النيابات العامة أو رئيس المحكمة الادارية العليا , لجنة تضم عددا من القضاة المتمرسين المرموقين , وحدها بمنأى عن التدخل تستطبع كشف الحقائق وتحديد مواطن الخلل والاهمال , اما لجان العرض والطلب التي تتشكل بالجمله فان سوقها كساد حتى لو كانت برسم البيع .