اعادنا وزير الداخلية الجاد، والبعيد عن التكاذب الوطني، واستجداء الشعبية المجانية، الى لغة الوضوح والثقة، فاتهام الوزارة بأنها تنفذ حملة لسحب الجنسية الاردنية، هو كلام آخر لا يختلف عن سحب جنسية الفلسطيني وهويته الوطنية، ومعناه غير المخبوء توطين اللاجئ الفلسطيني في ارض غير ارضه ووطن غير وطنه!!.
تحت اعلام وحدة الضفتين، كما صنفها الشهيد المؤسس، اقتسمنا مع اخواننا في الضفة الغربية الفقر والاحزان، والأمل، ووضعنا اول وحدة عربية صادقة ومن القاعدة الى مجلس الامة والحكومة.. ونصت وثيقة الوحدة على ان لا تتعارض مع حقوق الفلسطينيين التاريخية، أي ان الوحدة لا تلغي الحق الفلسطيني في وطن الفلسطينيين.
الخطورة التي ينبه اليها نايف القاضي، هي سحب جنسية الفلسطيني منه، فالخطة الصهيونية كانت منذ البداية تهجير الفلسطيني من فلسطين، واعطائه هوية غير هويته في ارض الشتات، اما الرابطة العاطفية بين الفلسطيني ووطنه فتبقى.. شعراً .. ذلك ان هناك اجيالاً في ارض الشتات لا تعرف العربية ولغة الشعر!! وأسألوا نادي رام الله في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة!.
اللاجىء الفلسطيني في الاردن يستطيع ان يعيش خارج مخيمه، لكن المخيم صار عنواناً وطنياً فلسطينياً، وحين نسمع المطالبين بالرقم الوطني لابن رام الله وبيت لحم، وحين تتحول التصاريح الخضراء والصفراء الى اساس العلاقة، وحين يكثر المطالبون بالحقوق المنقوصة.. ندرك ان فلسطين في خطر فعلي ليس خطر الاحتلال والاستيطان فحسب، ولكن سحب هوية الفلسطيني منه.. وتوطينه.. في وطن آخر..!!.
هناك هجوم على وزارة الداخلية؟!! نعرف منذ زمن، ففي الوطن العربي من يتاجر بالقضية الفلسطينية ويتاجر بالفلسطيني.. وقد ترعرعت الدعوات القومية على البيع والشراء في القضية.. وتترعرع الدعوات الدينية والمذهبية على البيع والشراء في القضية.. ودليل المتاجرة هو ان الجميع بصحة جيدة، والقضية تنحدر من سيئ الى اسوأ!!.
الهوية الوطنية الفلسطينية لا تعيب احداً في الاردن، فالفلسطيني الذي دخل عمان في ظلال الوحدة يستطيع ان يختار حمل جواز السفر والرقم الوطني الى ان يعود، لكن فك الارتباط، هو قرار سيادي، يكمل قراراً سياسياً وقومياً اقره العرب بالاجماع في الرباط عام 1974، وتلاه اعلان دولة فلسطين، فالتخلي عن الهوية الفلسطينية تحت أي عذر هو تخلي عن الحق الفلسطيني. فماذا لو حمل الفلسطيني في الشتات جنسيات وارقام وطنية حيث هو..، وتحول الفلسطيني على ارض فلسطين الى باحث عن جنسية؟!!.
لقد حاول وزير الداخلية وضع ارقام امام قارئه، بالحديث عن 19 الف شخص تم تحويل بطاقاتهم التي يأخذونها على الجسور من خضراء الى صفراء، وفي علم الالوان، فاللون هو دلالة للقاطن في الضفة، والزائر للاردن او المسافر من الاردن الى أي مكان في العالم، وهنا نسأل: ماذا لو قرر الحاكم العسكري الاسرائيلي منع الزائر من العودة.. ولأنه اردني بدلالة البطاقة الخضراء؟!!.
وطن الفلسطيني وهويته وجنسيته ليست عاراً عليه، ووظيفة العرب ليست تخليص الفلسطيني من وطنه وهويته وانما تدعيمها والحفاظ عليها..
ونظن ان وزير الداخلية المحترم نايف القاضي لا يستحق الاتهام، والاشاعات المسمومة، فالرجل لا يتاجر لا بوطنه ولا بمنصبه ولا بالقضية!!.