حادثة البحر الميت وحديث المسؤوليات
راكان السعايدة
28-10-2018 12:22 AM
لا يمكن لجهة أن تتنصل من مسؤوليتها عن حادثة البحر الميت الأليمة، وفي المقابل، من غير المنصف، ان تحمل جهة
واحدة كامل المسؤولية، فكل طرف من الأطراف عليه مسؤولية بقدر ما.
هناك مسؤوليات أدبية وأخلاقية وسياسية وقانونية، تبدأ من رأس الهرم السياسي والإداري، وحتى ذلك الذي تولى المسؤولية الميدانية الفعلية.
وبلا شك ان الحادثة وقعت نتيجة أخطاء متسلسلة، تكشف حجم "الاهتراء" في الإدارة العامة، في كل الشؤون، ومنها المرتبط بهذه الحادثة، من حيث عدم أخذ، الوزارة والمدرسة، ظروف الطقس، وأعمار الطلاب، والمكان الذي تقصده الرحلة، بالاعتبار.
سبب ذلك، إهمال، وعدم مبالاة، وغياب قواعد عمل ومعايير متابعة صارمة من الوزارة للمدارس، ومن المدارس ذاتها، التي أصابها الجشع على نحو تجاوز الطبيعي، والشركة التي نظمت هكذا رحلة، والتي يجب أن يجاب على سؤال مهم: أهي مرخصة أم لا ؟ أي أثر حقيقي للحادث الأليم، لا يكون برد فعل انفعالي وعاطفي مؤقت، بل بتقييم شامل، ومراجعة موضوعية، لكل الإجراءات التي سبقت الرحلة وتلك التي جاءت بعدها.
مثل هذا التقييم هو الذي يحدد كل المسؤوليات من الأعلى إلى الأدنى، ويساعد، إذا أردنا، في تصحيح واقع القطاع العام وإصلاحه، ودوره في ضبط تجاوزت القطاع الخاص الذي تغول في الكثير من الشؤون.
الفساد الإداري لا يقل خطورة عن الفساد المالي، وليس صحيحا، أبدا، ان هذه الأنواع من الفساد ترتبط بالقطاع العام فقط، فهي أيضا في عمق القطاع الخاص.
في الحادث الأليم عبر ودروس كبيرة ومهمة، لا يجب أن تمر هكذا، ولا يجب أن يكون هدف السلوك الراهن احتواء الغضب، والمواساة، بل لا بد من جعلها لحظة الحقيقة؛ لحظة التقييم الذي يفضي إلى التغيير الفعلي، لان النظري، كما تعودنا، يبقى بلا ترجمة عملية، وينتهي مفعوله بانتهاء اللحظات العاطفية التي أنتجته، ومن ثم تعود الأمور إلى سابق عهدها كأن شيئا لم يكن.
نعم، لا أحد يملك التحكم بقدَره، ولا احد يستطيع رد قضاء االله، ولا أحد بمقدوره التحكم بالطبيعة ويسيّرها كيفما يشاء، فهذه أمور لا نناقشها، وما نناقشه هو كيف تعمل الإدارة العامة، وكيف تتصرف استباقيا، وكيف تتحسب لمثل هذه الظروف التي أدت إلى الحادث الأليم. نناقش الأخلاقيات، والالتزامات، والاحساس بالمسؤولية، ومستوى الاستجابة للحالة التي مرت.. لعلّ وعسى.
الرأي