اضاءة .. على قانوني التعليم العالي والجامعات الاردنية (2009)
د.احمد القطامين
27-06-2009 06:36 PM
من المتوقع ان يبدأ مجلس النواب مناقشة مشروعي قانون الجامعات الاردنية لعام 2009 والتعليم العالي والبحث العلمي الجديد خلال دورته الاستثناية الحالية. ومن الواضح وبعد الاطلاع التفصيلي على الوثيقتين ان جهدا طيبا قد بذل في وضعهما بهدف الوصول بعملية اتخاذ القرار في الجامعات وفي الوزارة الى حالة تضمن حوكمة رشيدة فعلية جديدة فيها الكثير من عناصر الكفاءة والفاعلية. لقد ركز واضعو القانونين على اجراء تغييرات اساسية في تكوين المجالس التي تتخذ عبرها القرارات الخاصة بالتعليم العالي.
ولعل الاضافة النوعية الاساسية التي اضيفت الى مجلس التعليم العالي هي اضافة اربعة اعضاء من خلفيات اكاديمية حيث نصت الفقرة الرابعة من المادة الخامسة (أ) على اختيار اربعة اكاديميين من ذوي الخبرة في الادارة الاكاديمية العليا ، وهذا ما كان يفتقر اليه الحال في تركيبة المجلس الحالية حيث كان رؤساء الجامعات اعضاء فيه.
اما فيما يتعلق بمجلس الامناء، فقد تمت عملية ضخ مزيدا من الصلاحيات في آلية اتخاذ القرار فيه ولعل من اهمها صلاحية التوصية الى مجلس التعليم العالي بثلاثة اسماء ليتم اختيار احدهم رئيسا للجامعة والتنسيب به من الوزارة الى مجلس الوزراء لتعيينه رئيسا للجامعة لمدة اربع سنوات. ولعل الملفت في هذه العملية، والتي لا بد من تهنئة الجهات التي وضعت القانون عليها، هو آلية اختيار اسماء المرشحين الثلاثة لمنصب رئيس الجامعة.
حيث يشكل مجلس الامناء "لجنة استقطاب" مكونة من مجموعة من الاكاديمين من خارج المجلس اي من اعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات الاردنية الذين سيجرون المقابلات ويقيمون البدائل المختلفة ليتوصلوا اخيرا الى اختيار ثلاثة مرشحين ليقوم مجلس الامناء بالتوصية بهم الى مجلس التعليم العالي الذي سيقوم بدورة بتضييق نطاق الاختيار الى شخص واحد يتم التنسيب به الى مجلس الوزراء. وتعد هذه الآلية انتقال نوعي من "مزاجية" اختيار رئيس الجامعة التي تتم الآن في ظل القانون الحالي الى "مأسسة" العملية والقاء مهمتها على كاهل اكاديمين يعرفون تماما ما المواصفات المطلوبة في من سيصبح رئيسا للجامعة، وما هي الخبرات والمهارات المطلوبة لهذا المنصب الاكاديمي الهام والمؤثر نظرا للدور الاساسي والاستراتيجي الذي يفترض ان يقوم به رئيس الجامعة لتمكين الجامعة التي يتولى قيادتها من انتاج اجيال قادرة على تحمل مسؤولية بناء الوطن ورفده بكل مقومات التطور والنماء.
علما بان طريقة اختيار رئيس الجامعة بهذه الطريقة تتناسب مع طريقة اختياره في الدول المتقدمة حيث يتم فيها الاعلان في وسائل الاعلام عن الحاجة لرئيس جامعة بمواصفات معينة.. وتقوم "لجنة الاستقطاب" باجراء المقابلات معه ويطلب منه القاء سلسلة من المحاضرات امام اعضاء الهيئة التدريسية والطلبة حيث يشارك الجميع في عملية تقييمه ويكون لهم رأي في مدى ملآءمته من عدمها.
لذا نأمل من لجان الاستقطاب الذين ستبدأ بهم عملية اختيار رؤساء الجامعات الاردنية الرسمية والخاصة ان يدركوا حجم المسؤولية التي تواجههم وان يستفيدوا من تجارب الامم المتقدمة في عملية الاستقطاب والاختيار وان يوصلوا الى رئاسات جامعاتنا من هم حقا على مستوى المسؤولية والمهارة والقدرة على الانتقال بالتعليم العالي الى المستويات العالمية الرفيعة.
ختاما، لا بد من توجيه الشكر لوزارة التعليم العالي على الجهود المشكورة التي بذلت في اعداد هذين المشروعين، ونامل من مجلس النواب الاسراع في عملية دراستهما واقرارهما.
qatamin8@hotmail.com