يتحدث كثير من الناس أن فلانا وجيه، وفِي المناسبات يقال ان هناك عدد من الوجهاء قد حضروا مناسبة ما، وبخاصة عند الحديث عن حفلات الخطبة- والغداء- حضر عدد من الوجهاء ، في الخضار يقوم المزارعون بعمل ما يسمى ( بالتوجيهه) وهو وضع أفضل الخضار على وجه الصندوق لتسويق المنتج، وقد تكتشف ان ما تحت ذلك من الخضار لا يمت الى التوجيهية بصلة، اطلقنا على نهاية المرحلة الدراسية الصف الأخير التوجيهي ، الذي يتقدم الطالب بعدها لامتحان الدراسة الثانوية.
قديما ، كان الوجهاء أعدادا بسيطة، وكانوا معروفين لدى عشائرهم وقراهم وقبائلهم، اذا تحدث الوجيه استمع له الحضور، وإذا ادلى برأي في قضية ما يكون لرأيه قولا فصلا في المسألة.
الوجاهة لها متطلباتها ، وتاريخها ، ليس المال هو من مقوماتها ، فقد يكون الوجيه فقيرا لكنه مؤثرا ، وقد لا يكون حاصلا على شهادة علمية، فالمجالس علمته الدروس الكثيرة.
كان الوجهاء يقومون بادوار مختلفة في حل المشاكل الصعبة التى لا يخلو مجتمع منها، وهم عون للسلطة التنفيذية يستعين بهم الحاكم الإداري في تقريب وجهات النظر ، لهم دورهم في إيصال كثيرين الى مجلس النواب من خلال إقناع الآخرين بهم، ويكون لهم ذلك.
تطورت الحال وأصبحنا لا نعرف حقيقة من هم الوجهاء . ربما عن قصد ساهمت جهات كثيرة في استنبات وجهاء لأسباب مختلفة ، واقناع من حولهم ان هؤلاء هم الوجهاء ، هل يقتنع الناس بذلك. اشك في ذلك الذين يفرضون أنفسهم في المناسبات كوجهاء في محاولة لإثبات دورهم ، يقدر الناس ذلك سلبا او إيجابيا ، نراهم في مناسبات الأفراح والعزاء ، يحاولون ان يكونوا اكثر حرصا من النائحة على الميت، وأكثر من الثكلى، وقديما قيل ( ليست النائحة كالثكلى).
أراد عمر بن الخطاب ان يولي احد الأشخاص اميرا على منطقة فقال ( دلوني على شخص اذا كان جالسا بين قومه كأنه أميرهم ، وإذا كان أميرهم كأنه واحد منهم) فكان له ذلك ، شخص بهيبته كان امير وهو ليس كذلك وبتواضعه كأنه امير وهو كذلك.
ربما تغيرت الأحوال ، وأصبح المال يصنع الوجهاء، والسلطة تصنع الوجهاء، رواية تقول ، ان الملك فيصل في العراق كان يتفقد الناس في جنوب العراق، فاستضافة احد الأشخاص وأكرم وفاده، وفِي اليوم التالي سأله عن طلبه، قال له، اريد ان تنصبني شيخا ، اجابه الملك فيصل أستطيع ان اصنعك وزيرا او محافظا ولكنني لا أستطيع ان اصنعك شيخا، فالشيخ ينبت بين أهله ، وينمو كما ينمو الشجر ، ولكنه لا يفرض عليهم فرضا، فورقة اعطيك اياها لن تجعلك شيخا.
هل نعيد النظر في مواصفات الوجيه والشيخ ، وننظر الى قوله تعالى في حق عيسى ( وكان عند الله وجيها) فما هو وجيه عندالله، له مواصفاته، وماهو وجيه حقيقي بين قومه، هو غير ما يفرض عليهم ويقدم لأسباب مرحليه تتطليها الحالة السياسية او الاجتماعية ، صحيح ان الناس تتغير ، ولكن هناك ثوابت.