مارسنا حقنا ونرفض التشكيك
نبيل غيشان
26-10-2018 12:40 AM
ما أن مارس الأردن حقه المنصوص عليه بمعاهدة وادي عربة بإعلان جلالة الملك رفض تجديد ملحقي الباقورة والغمر،
حتى انطلقت حملتان مضادتان: الأولى داخلية مشككة بالقرار وإمكانية تطبيقه، فيما ذهب آخرون باتجاه التقليل من جدوى عودة الأراضي الأردنية وهل سنستغلها ونستفيد منها؟
والحملة المضادة الثانية جاءت من الجانب الإسرائيلي الذي «صدم» بقرار الملك وكأنه كان يعتقد «إننا في الجيبة» ولا نستطيع اتخاذ قرار سيادي هو حق مكفول لنا بموجب المعاهدة التي تنص على حق أحد الطرفين بعدم التجديد للملحقين شريطة الإبلاغ قبل سنة من موعد انتهاء العقد الأصلي.
اعتدنا على أن القرارات المصيرية تأتي من الملك مباشرةً وقراره هذه المرة لا يقل أهمية عن قرار المغفور له الملك الحسين في طرد كلوب باشا وتعريب قيادة الجيش في آذار عام 1956 وهو قرار تاريخي يمثل الإرادة الوطنية الحرة وتأكيداً للسيادة الأردنية على أراضيه، حيث التقت إرادة الملك بالإرادة الشعبية.
حملة التشكيك الداخلية تندرج تحت مسميات كثيرة أهمها انعدام الثقة بالحكومات وثانيها تلتقي في إطار سياسة جلد الذات والتنكر للقدرات الوطنية، لكن ما يهمنا هو أن أرضنا عادة لنا وحتى لو بقيت بورا فإنها أفضل من أن تبقى مستغلة من عدونا.
أما ردة الفعل الإسرائيلية فقد لخصها «المعتوه» أيدي كوهين قائلاً: انتظروا شهراً واحداً وكيف سيتغير القرار؟ كذلك هدد وزير مياه إسرائيل بقطع المياه عن عمان قائلاً «نحن نشربكم ماء» وهذا كلام كذب، فما يأتينا من مياه منصوص عليه بالمعاهدة وهو حق وليس منة، ولا علاقة له بالملاحق الملغاة.
إسرائيل هذه التي أفزعها القرار الأردني يجب أن تراجع نفسها وتلوم نفسها أولاً قبل أن تلوم غيرها، فالأردن لم يخالف بنداً واحداً في المعاهدة في حين أن إسرائيل تخالف المعاهدة باستمرار، وأهم مخالفاتها أنها لم تقم بالمطلوب منها بموجب المعاهدة وخاصةً بناء محطات تحلية مياه لتزويد الأردن بعشرة الاف متر مكعب سنوياً وهي
مستمرة في تلويث نهر الأردن وتماطل في تنفيذ قناة البحرين وتطرح بديلاً لها (البحر الميت والبحر الأبيض المتوسط).
القرار الأردني يخص الباقورة 830 دونماً والغمر 6000 دونم، والأردن لم يلغ المعاهدة وليس في نيته ذلك، والأراضي المذكورة هي أراض تقع داخل الحدود الأردنية، أي شرق نهر الأردن ووادي عربة نقطتي الفصل بين الحدين.
يحترم الأردن الملكية الخاصة للأفراد في الباقورة، لكنه سيتوقف بعد عام عن منح معاملة خاصة للمالكين، وسيمنعهم من الدخول مباشرة من غرب النهر وستغلق الحدود الدولية وبإمكان المالك الدخول الى أرضه من خلال المعابر الرسمية وبموجب الإجراءات المتعارف عليها، أي يدخل من خلال جسر الشيخ حسين وبعدها يذهب الى أرضه.
وفي منطقة الغمر (جنوب البحر الميت) فإن الأردن سيمنع المزارعين الإسرائيليين في المستوطنة المقابلة والمسماة «تسوفار» من العبور إلى الجانب الأردني من وادي عربة وزراعة الأراضي الأردنية واستعمال الآبار الجوفية هناك. وهذا الإجراء يعني تضييق الخناق على المستوطنة الصهيونية ومنع 60 مزارعاً من استغلال الأرض والمياه الأردنية ويبدو أن لا بديل جاهزاً لديهم خاصة وإنهم اعتادوا على زراعة أراضينا خلال أكثر من خمسين عاماً بدون مقابل. نعم أوشكت الترتيبات الخاصة التي فرضتها اتفاقية وادي عربة عام 1994 على الانتهاء، ولا تجديد لها والأرض ستعود الى السيادة الأردنية وقرارنا بعدم التجديد هو قرار سيادي يؤكد فشل السياسات الإسرائيلية. (الرأي)