الدبلوماسية الاردنية .. شيء من الواقعية في اللحظة التاريخية
فهد الخيطان
27-06-2009 04:22 AM
*** اجتماع القاهرة يفتح الباب امام موجة جديدة من التطبيع المجاني مع اسرائيل
لم يكشف وزراء الخارجية العرب بعد اجتماعهم الاخير في القاهرة عّما ينوون فعله للتجاوب مع التوجه الامريكي لاحلال السلام في الشرق الاوسط. وما هي طبيعة المواقف المرنة التي يدعون الى اتخاذها لاستثمار اللحظات التاريخية حسب وصف وزير الخارجية ناصر جودة الذي قام بزيارة مفاجئة الى رام الله للقاء سلام فياض الخميس الماضي.
ما توفر من معلومات وردت في البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية تفيد باستعداد العرب الي اتخاذ خطوات تطبيعية اضافية مع اسرائيل اذا ما التزمت الاخيرة بوقف الاستيطان وسحب قواتها من المدن الفلسطينية خطوط 28 ايلول, والمعروض عربيا وفق مصادر دبلوماسية هو اعادة فتح المكاتب الاسرائيلية في عواصم عربية وفتح الاجواء العربية امام طائرات العال الاسرائيلية الى جانب تسهيلات في مجال الاتصالات.
العرض العربي ينطوي على تنازل عن شروط مبادرة السلام العربية التي ربطت التطبيع بالانسحاب الكامل وقيام الدولة الفلسطينية.
نتنياهو رفض مبادرة السلام العربية في وقت مبكر وفي خطابه الاخير تنكر لاتفاقيات سابقة مع الفلسطينيين وضرب عرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية. ادارة اوباما من جهتها تمارس ضغوطا على اسرائيل لوقف الاستيطان والالتزام بحل الدولتين غير انها لم تفلح لغاية الان باقناع الاسرائيليين. ولهذه الغاية تريد من العرب تنازلات اضافية لممارسة مزيد من الضغط على اسرائيل. في التجارب السابقة للمفاوضات كان العرب يقدمون التنازلات ولا يستطيعون التراجع عنها فيما بعد وتبقى اسرائيل ثابتة على مواقفها وهو ما كان يوصف بالتطبيع المجاني. العرب وكعادتهم لا يتعلمون من تجاربهم يبدو انهم على وشك تقديم وجبة جديدة من التنازلات استجابة للموشرات والمبادرات الايجابية من قبل الرئيس الامريكي كما نص بيان وزراء الخارجية الاخير.
والخطورة في الامر ان الوجبة الجديدة من التطبيع يجري تغليفها بخطاب متفائل عن لحظة تاريخية للسلام وعن خطة امريكية طال انتظارها ويتولى وزير الخارجية الاردني والمصري الترويج لها بدبلوماسية مندفعة ومتحمسة على نحو لا يشاركهم احد بالتفاؤل خاصة بعد خطاب نتنياهو الكارثي الذي مر الوزراء عليه في القاهرة مرور الكرام ويخطئ العرب ان اعتقدوا ان بامكان اوباما ان يمارس ضغوطا على نتنياهو للتخلي عن مواقفه المتشددة. ويجمع المحللون الامريكيون ان الجهود الامريكية لدفع المفاوضات لن تحقق تقدما ملحوظا على المدى القريب لاعتبارات كثيرة.
والمقلق في خطاب الدبلوماسية الاردنية في الازمة الاخيرة تجاهله المطلق لقضية حق العودة وتجنب الاشارة اليها عند الحديث عن الحل النهائي وفي المقابل الاندفاع لتشجيع العرب على تقديم مزيد من التنازلات وتجاوز مبادرة السلام العربية او استخدامها كغطاء لابداء المرونة في التعامل مع اسرائيل.
ليس من مصلحة الاردن ان يتصدر تحركا من هذا النوع بزعم لحظة تاريخية سبق ان صفقنا لها ولم تثمر شيئاً. الدبلوماسية الاردنية في هذا المجال تحتاج الى قدر من الواقعية والحذر حتى لا نتهم بترويج الاوهام والسعي لجر العرب نحو التطبيع المجاني مع اسرائيل كما حصل في قمة الجزائر.
ان كل تنازل يقدم من الجانب العربي الان سيكون بلا معنى في ظل وجود حكومة نتنياهو في اسرائيل.
fahed.khitan@alarabalyawm.net