أين نحن الان؟ أين نريد أن نكون؟
الدكتور ماجد الشامي
24-10-2018 09:30 PM
أن أُريد للشعب الاردني المُتزن العاقل الرزين، الذي طالما حرص على أمن وأمان هذا البلد المُبارك، أن ينهض بمناحي الحياة ويُنشط المقولة الشهيرة، زرعوا فاكلنا ونزرع فيأكلون، فلا بُد من استخدام ادوات التحليل الاستراتيجي بالإجابة على ما يلي: أين نحن الان؟ أين نريد أن نكون؟ كيف نصل حيث نريد أن نكون؟ وهذا يتطلب اعادة النظر بعقلانية في كل من الملفات التالية لتحديد الاسباب التي اوصلت الاردن إلى ما هو عليه الان.
أولاً: ملف مجلس النواب والاعيان: من خلال نظرة تحليلية لأرقام المديونية (الدين الداخلي والدين الخارجي) فمن السهل جدأً إستقراء الارقام وملاحظة ان المديونية ما قبل عودة مجلس الامة كانت لا تتجاوز ال ٦٠٠ مليون دينار اردني، أما وعندما اراد جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه أن يعيد مجلس الامة وتفعيل الديموقراطية في المملكة وذلك عام ١٩٨٩ فكانت اهم ما نتج عن مفهوم الديموقراطية الاردنية هي تسارع مُرعب للمديونية لتصل الى رقم ال ٢٨ مليار دينار اردني والأردن من حينها لم يرى النور وزيادة في الفقر والبطالة وهروب الاستثمارات إلى الخارج وكذلك هروب العقول النيًره والمفكرة. وهذا إن دلّ على شيء إنما يدُل على أهمية عودتنا إلى الوراء أي ما قبل مجلس الامة لكي نتمكن من النهضة ودفع عجلة النمو الاقتصادي إلى الأمام وليعود بالمنفعة على الوطن والمواطن وليس لمصلحة جيوب مجلس الامة.
ثانياً: ملف الفساد؛ العمل بكل ما في الكلمة من صدق وأمانه وشفافية وحزم على محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين الذين خانوا أمانة الشعب وخانوا القسم المُقدس(أللي بيحلف يمين كاذب يا ويله من الله؛ ترددت في باب الحارة) وسرقوا من الأموال العامة وحتى تجرأو بأن يسرقوا لقمة العيش من الفقراء والمساكين واليتامى دون أي ادنى رحمة ورأفة بالانسانية. وكما قال السيد المسيح عليه السلام "ماذا ينفع الانسان لو كسب العالم كله وخسر نفسه؟". كيف يستطيع الإنسان أن يُطعم أولاده مال حرام؟ وكيف يستطيع أن يحلف او يشهد كذب؟ حسابكم عند الله كبير ولن تفلتوا من العقاب.
ثالثاً: ملف المديونية؛ إذا تمكّنا من معالجة الملف الأول والثاني السابق ذكرهم فمن الأكيد اننا سوف نخرج من عنق الزجاجة إلى النور وسوف تتلاشى المديونية مع مرور الزمن، ونفوّت الفرصة على البنك الدولي للاستعمار الاقتصادي. ذلك البنك الذي يطالب حكوماتنا إصلاحات اقتصادية لكي يمنحنا قروض، ونحن في الأردن وبفضل حكوماتنا المتعاقبة لم نرى إصلاحات وأصبحنا مُثقلين بالديون، اين كل هؤلاء المليارات؟ وهنا لا يسعني سوى أن أتقدم بالشكر إلى رجلٍ واحدٍ يتفاخر من خلال بعض التصريحات له انه وعندما كان مستشاراً اقتصادياً في رأسة الوزراء وبفضله هو تمكنا من خفض المديونية من ٦ مليار دينار إلى ٣ مليار دينار. هو كما تتذكرون مهندس فكرة برامج الخصخصة التي ضوعت اقتصاد البلد واسمه باسم عوض ألله (مؤكد انه كان يحضر كثيراً الفلم المصري "انا عايز حقي").
رابعاً: السوق المالي: اعادة هيكلة هيئة الاوراق المالية لتواكب العصر وكذلك إعادة هيكلة السوق المالي، أيضاً، إعادة صياغة قانون الشركات المساهمة العامة ليكون عصرياً ، ولا بد من الاسراع في تلك المتطلبات بعد ان دخل السوق المالي في مرحلة الانعاش عند مؤشر ال ١٩٧٠ نقطة. ألسوق المالي مند الأزمة الاقتصادية العالمية في ٢٠٠٨ ولم يرى النور، وخسائر وراء خسائر حتى تراجعت القيمة السوقية للسوق منذ الطفرة في ٢٠٠٨ من حوالي ٦٠ مليار دينار إلى ما يقارب ١٦ مليار دينار أو اقل. المقصد هنا ضرورة الحد من السرقات التي يقترفها المتنفذين على ادارة أموال هذه الشركات (وهي أموال عامة الشعب) وكذلك إيجاد الحلول لتحفيز الاستثمار الخارجي والداخلي في هذه الشركات ليعود السوق المالي إلى عافيته خصوصاً وان الأسواق المالية هي دائما ً المؤشر على صحة الاقتصاد وصواب أوضاعه.
خامساً: ملف التعليم والثقافة؛ العمل الجاد في اعادة بناء مؤسساتنا التعليمية وإصلاح التعليم في المدارس والجامعات الأردنية الرسمية والخاصة لان التعليم في المدارس عبارة عن دروس خصوصية وبالجامعات عبارة عن محو أمية ناهيك عن انه فاسد اما البحث العلمي في هذه الجامعات ملوث بالفساد. وليس أقل أهمية أن يُباشر في اعادة بناء وتنشيط الجانب الثقافي، حيث انه ليس بالعلم وحده تُبنى المجتمعات والحضارات بل بإثراء ثقافات الأجيال على أُسُس التنوع الديموغرافي والتسامح الديني ورفض العنف وتحمل كل مواطنٍ صالح لمسؤوليته الاجتماعية والأخلاقية . وهنا تبرُز أهمية وزارة الثقافة في بناء نموذج مثالي من الخطط الاستراتيجية لهذا المسار.
علماً أن قرار دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي هي كارثية يا دولة الرئيس.
سادساً: تكافؤ فرص العمل والعدالة في الرواتب؛ يجب أن يُبتكر سلم رواتب معّدل ينصف المواطنين بما يتناسب مع الدرجات العلمية والخبرة العملية، سلم رواتب مُعدّل ينصف المواطن الأردني في دخلة لحياةٍ كريمةٍ تليق بشرف المواطنة، وليس سلم رواتب مُفصل بما يتناسب مع ابناء المسؤولين المُتنفذين في هذا الوطن ( بمعنى انه كوني ابن او ابنة مسؤول فمن حقي ان احصل على راتب ٢٤٠٠٠ دينار شهري، أي بما يعادل رواتب شهرية إلى حوالي ٧٠ خريج جامعي). ولا بُدّ من الاسراع في اعادة هندسة سلم الرواتب على أسس صحيحة. ليس أقلُ أهمية أن يتم اعادة هيكلة ديوان الخدمة المدنية على اسس الشفافية وتساوي فرص العمل للمواطن وليس على اعتبارات شاذة عن العدالة المساواه، وتفعيل مقولة "امشي دغري بحتار عدوك فيك".
ومن المؤكد أن ملفات أخرى تحتاج إلى المعالجة مثل المتقاعدين العسكريين، الصحة، المواصلات، المزارعين، المياه والسدود، المتسولين، وكذلك رسوم تسجيل الاراضي ٩% الذي يضر بحركة بيع وشراء الاراضي والعقارات وهي من أعلى النسب في العالم.
كل ما سبق ذكره هو الاساس في اعادة بناء نواة الثقة بين الشعب والحكومة، وأن تفعّلت الثقة تكون هي قاعدة الاساس في اعادة بناء قانون ضريبة الدخل يلقى ترحيبا من عامة الشعب.
واخيرا وليس اخرا، فإذا اراد الأردن أن ينتعش ويزدهر اقتصاديا وسياسياً فلا بُدّ من ان ينعم برئيس وزراء لديه صفات القائد وليس الزعيم، القائد القادر على إيصال الايحاءات إلى الرعية بأنه قادر على الوصول برعايته إلى بر الأمان.