السادة النواب .. هلا فعلتموها؟
د.خليل ابوسليم
26-06-2009 02:40 PM
ما أن انفضت الدورة العادية لمجلس الأمة حتى تداعى العديد من السادة النواب وبسرعة الصوت لتوقيع مذكرة نيابية موقعة من الأغلبية المطلقة ( 55+1 ) تطالب بعقد دورة استثنائية وذلك استنادا إلى نص الفقرة الثانية من المادة 82 من الدستور الأردني.
وكنت قد تناولت هذا الموضوع في مقال سابق - نواب استثنائيون ودورة استثنائية - ومن على هذا المنبر، تحدثت فيه عن المآرب والدواعي الباعثة لطلب عقد مثل تلك الدورة، والتي لم تعد خافية على احد ليس اقلها – كما أشرت- محاولة الإطالة في عمر هذا المجلس الذي بات في نظر المواطن بحكم المتوفى سريريا، وحسب ما جاء في استطلاعات الرأي التي عكست رغبة وطنية جارفة لحل المجلس الذي أصبح كلما طلع فجر جديد قاب قوسين أو أدنى من ذلك، لان المواطن الأردني ما تعود من قيادته الهاشمية إلا الوقوف إلى جانبه والانتصار لقضاياه ومعالجة همومه وآلامه.
أما اليوم وبعد انقضاء مدة زمنية لا باس بها من عمر الدورة الاستثنائية، الأمر الذي يتطلب معه الوقوف على بعض الملاحظات التي رافقت جلسات المجلس النيابي.
أولى تلك الملاحظات، هي عملية توفير النصاب القانوني لعقد الجلسات والتي أصبحت الشغل الشاغل والداعي الباعث على القلق لرئيس المجلس، حيث الغياب المتعمد والواضح لعدد لا باس به من السادة النواب، وفي أفضل الأحوال لم يتجاوز عدد الحضور عن 76 عضوا من أعضاء المجلس، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن جزءا لا باس به كانت غايته من حضور تلك الجلسات ليست المناقشة لبعض القوانين التي تطرح داخل القبة بقدر ما هو الدخول في سجالات بيزنطية عقيمة مع السلطة الرابعة وكذلك مع السلطة التنفيذية، وتسجيل المواقف على أمل العودة ثانية للقبة فيما لو تم حل المجلس، ولولا تلك الحالة لما توفر نصاب لعقد جلسات المجلس، واللافت للنظر أيضا أن العديد ممن وقعوا على المذكرة كانوا هم ابرز الغائبين عن جلسات المجلس، وحجة البعض في ذلك حتى لا يتم تسجيل موقف معين عليهم في حال تم تمرير قانون ما، هم من اشد المعارضين له أو هكذا يبدو على الأقل من موقفهم المعلن!!
وتتلخص الملاحظة الثانية في الكم الهائل من القوانين المعروضة على جدول أعمال الاستثنائية والتي بلغت 29 مشروع قانون، بعض من هذه المشاريع يحتاج مناقشتها وإقرارها إلى أكثر من دورة عادية نظرا لارتباطها بالهموم اليومية المعاشة لمعظم فئات الشعب الأردني، مما يتطلب حضور كامل أعضاء المجلس المائة وعشرة نائب.
ولعل من أهم تلك القوانين، قانون الضريبة الموحد وقانون الضمان الاجتماعي الذين بإقرارهما دون مناقشة مستفيضة يكون المجلس قد دق إسفينا آخر في نعش المواطن الأردني، مما سيلحق الضرر الفادح بالشرائح الكبرى من المواطنين، والمأمول أن لا يكون مصيرهما كمصير قانون هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي الذي تم إقراره بأقل من دقيقتين -حسبما سمعت- ودون أي مداخلة أو نقاش له من قبل النواب.
وهنا نقول فيما لو تم إقرار تلك القوانين وبنفس المنطق فان الأمر لا يعدو عن كونه اتفاق مسبق بين الحكومة والمجلس الكريم على تمرير تلك القوانين وبالسرعة القصوى متجاهلين الضرر الذي سيلحق بالفئات الفقيرة جراءهما حيث المستفيد الأكبر منهما هم شريحة رجال الأعمال وكبار الموظفين، وان ما يراه المواطن من مناكفات بين الحكومة والمجلس لا تعدو عن كونها فقاعة مفتعلة من الطرفين، وبذلك يتجلى الاتفاق المبطن بينهما على ضرب الشعب ومقدراته.
وعلى ذلك فإننا نقول للسادة النواب المحترمين، ليس مطلوبا منكم معارضة تلك القوانين والوقوف ضد الحكومة ولا هو الموافقة عليها والاصطفاف معها، بقدر ما هو مطلوب منكم الوقوف مع أنفسكم أولا ليتمكن الشعب من الوقوف إلى جانبكم، وان غيابكم أصبح غير مبرر إطلاقا، لا بل إن حضوركم بكامل عددكم وعدتكم أصبح فرض عين على كل نائب منكم إن كنتم كما تدعون حريصون على مصلحة الوطن والمواطن وان الواجب يحتم عليكم الوقوف إلى جانب الوطن وفقراءه، وتسجيل مواقفكم واعتراضاتكم داخل القبة لا خارجها وبذلك تكونوا قد أديتم اقل الواجب المطلوب منكم- حتى وان كان في الوقت بدل الضائع- تجاه ناخبيكم ولو لمرة واحدة في تاريخكم.
kalilabosaleem@yahoo.com